الا يكفي هذا الانحدار لإنقاذ جامعة صنعاء؟!!!

السبت، 2 يونيو 2012

نحو دولة مدنية متعددة الاقاليم ....!!!



دولة المعافر..و إقليم تعز في الدولة اليمنية


لقد دلت الاكتشافات الأثرية التي أجريت في السبعينيات من القرن الماضي على أن الإنسان منتصب القامة أول ما وجد كان في المناطق السهلية والمرتفعات الجبلية وهي الأراضي الداخلية في باب المندب تعز حاليا، ومن ثم خرج إلى بقية أنحاء العالم عبر ثلاث طرق. ويري عالم الآثار اليمني الدكتور عبده عثمان غالب أن خروج الإنسان الأول منتصب القامة من هذا الجزء إلى كافة بقاع الأرض عبر ثلاث طرق: الأول شرقا عبر وادي حضرموت، ومن ثم إلى الهند عبر إيران وعمان. والثاني: شمالا في اتجاه المرتفعات الوسطى والشمالية الشرقية من الهضبة الغربية وصولا إلى وادي الجوبة مأرب. والاتجاه الثالث: شمالا صوب نجران والجوف، ومن ثم كان انتشارها إلى مختلف أنحاء العالم.
ولهذا الجزء من اليمن (الجنوبي الغربي) نطاق جغرافي واحد يشمل وحدة جغرافية، تتكون بنيتها الجغرافية من تراص منتظم لصخور الأساس من حقبة ما قبل الكمبري ورسوبيات الميزوي (أحجار جيرية ورملية ) ومكونات البراكين من الزمن الثلاثي والزمن الرباعي، وتضم كامل الجزء الجنوبي الغربي من إقليم المرتفعات الجنوبية الذي يشرف على باب المندب وخليج عدن، ويدخل ضمن حدودها ما يعرف اليوم بمحافظة تعز ومحافظة عدن ومعظم الأجزاء الغربية من محافظتي لحج والضالع وجزء كبير من محافظة إب يمتد بخط منحني يبدأ من حدود محافظة الضالع مرورا بمنطقة السحول وانتهاء بمنطقة الأشاعر بتهامة. كما يدخل ضمن هذا النطاق القرن الإفريقي كونه الأقرب إلى قارة آسيا من جهة الغرب.. وإن كانا لا يلتقيان منذ انفصال شبه الجزيرة العربية عن قارة إفريقيا وتكون البحر الأحمر قبل حوالي 40 مليون سنة.
وكما كان هذا الجزء أو النطاق الجغرافي المنطقة التي انتشر فيها الإنسان إلى آسيا في العصر الحجري القديم فقد كان أيضا منطقة أساسية للمقايضات التي كانت جارية في البحر الأحمر خلال الفترات التاريخية القديمة.
وعرفت هذه المنطقة تاريخيا باسم المعافر انتسابا إلى الدولة المعافرية أو ’’مخلاف المعافر’’ كما عرف في بعض الأحيان، والذي يضم مدنا كثيرة ومستوطنات بشرية وقرى عدة. وكان مركز المخلاف مدينة السواء. وكان أحد حكامها يدعى كليبوس ( كليب).
وكانت دولة المعافر تتبعها أحيانا أقاليم أو مخاليف عندما تبسط نفوذها على بقية الدويلات اليمنية. وفي حال انحسارها تتحول إلى إقليم يتبع الدولة اليمنية التي تبسط نفوذها وتسيطر عليها (مثال على ذلك علاقة المعافر بأوسان وقتبان وسبأ وحمير).
حتى وإن كانت في بعض الفترات التاريخية تحكم جزئيا وفق النظام المركزي إلا أنها لم تمثل حالة عامة وسائدة بل تعد من طبيعة الشد والجذب بين كل من المركز والأطراف، الذي ما يلبث وأن تتغير وضعيته وآلياته إلى النظام المعروف بالمخاليف، أو ما يمكن أن نقول عليه نظام ’’الأقاليم الاتحادية’’.
فالدولة السبئية كان يعرف ملكها أحيانا باسم (ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات وأعرابهم في الطود وتهامة) وأحيانا تزيد عدد الألقاب الخاصة بالملك عن ذلك وأحيانا تنحسر إلى أقل منها بحسب اتساع رقعة الدولة وعدد المخاليف (الأقاليم) المنضوية في الدولة الاتحادية (مجازا).
ويعد هذا الشكل التنظيمي والإداري والسياسي الأقدم في التاريخ اليمني وصل إلينا وتعرفنا إليه بحسب مصادر التاريخ، يوضح أن اليمن لم تحكم قط عبر الإدارة المركزية سوى في الفترة المعاصرة، والتي يمكن أن نعرفها بفترة الاستبداد (1918-2011)؛ حيث بدأت مع خروج الأتراك من اليمن وتوزيع تركة الرجل المريض (تركيا)، ومعها تسلم الإمام يحيى حميد الدين مهام إدارة الدولة في اليمن، لاسيما تلك المناطق التي لم تدخل ضمن إدارة الإمام يحيى بموجب اتفاقية صلح دعان 1911م بين الإمام والأتراك، والذي جاء في مضمونها اعتراف الدولة التركية للإمام بالسيادة الروحية على المناطق التي تخضع للمذهب الزيدي، أو لنقل أن الأتراك اعترفوا للإمام بموجب اتفاق دعان بالإدارة الذاتية للمناطق المشمولة بالاتفاق. وهذا دليل على أن اليمن لم تحكم مركزيا بشكل قطعي قبل 1918م، وإنما خضعت لما يعرف حاليا بنظام الحكم المحلي، أو الأقاليم الفيدرالية الاتحادية، وعبر تاريخها الطويل لما عرف باسم (المخاليف).
فالدولة المعافرية ـ مثلاـ كانت تتبعها أقاليم أو مخاليف عندما تبسط نفوذها على بقية الدويلات اليمنية؛ وفي حال انحسارها تتحول إلى إقليم يتبع الدولة اليمنية التي تبسط نفوذها وتسيطر عليها (مثال على ذلك علاقة المعافر بأوسان وقتبان وسبأ وحمير).
وتقع المعافر بين 12،5 الى 1ْ4 شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 43 و45شرقا، وهي المنطقة الواقعة جنوب غرب اليمن، وهي تسمية أطلقت من قبل الجغرافيين والمؤرخين العرب على تلك المنطقة المشتملة على الحجرية حالياً والأشاعر وشرعب والكلاع والمخاء وموزع حتى باب المندب والشيخ عزيز جنوب غرب الإقليم ممتدة إلى الشمال والصبيحة جنوبا إلى عدن
والمعافر هي المنطقة المعروفة حاليا باسم محافظة تعز، الى جانب المناطق المجاورة لها من المحافظات الأخرى ( إب، الحديدة، لحج، الضالع ) أي تلك المنطقة التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من اليمن، بما فيها باب المندب وسواحل البحر الأحمر الجنوبية الغربية منه.
وللمخلاف قديما سوق تجاري ( موزع أو موشج) تصل إليه البضائع المنقولة في السفن وفيه تتم عملية البيع والشراء للبضائع المحلية والقادمة في السفن. وللمخلاف أيضا مرفأ على مضيق باب المندب تتزود منه السفن بالبضائع وحاجتها من المياه والغذاء لتنطلق صوب وجهتها بعد ذلك (تصدير واستيراد).
ولعبت المعافر دورا كبيرا على مدى التاريخ القديم والإسلامي في المنطقة القريبة من باب المندب؛ فوصلوا البر الإفريقي وساحل الذهب واستوطنوها بل وحكموها أحيانا. وكانت لديهم علاقات مصالح مع مملكة أكسوم، وتبادل تجاري مع الداخل الإفريقي من خلال موانئ باب المندب وخليج عدن.
وتعد المنطقة الجنوبية الغربية من اليمن بما فيها بلاد الجند والمعافر والكلاع نقطة جذب وتكدس بشري في القدم ، كونها مجمعاً لخطوط تلاقي ونزوحات داخلية.
وهي (المعافر) زاوية علاقة اليمن بالجانب الشرقي لإفريقيا، تلك العلاقة الإستراتيجية التي ظلت حتى العصر الحديث. ومنذ امتداد الدولة السبئية إلى الحبشة ومنها يتم التوجه في اتجاه الحبشة والقرن الإفريقي ، لذا استمر نفوذهم على البحر الأحمر حتى نهاية القرن الأول بعد الميلاد.
وكانت تعتبر النافذة البحرية الهامة مع العالم الخارجي لليمن، ما مثل اندماج النظام الاقتصادي مع العالم الخارجي عن طريق البحر عبر التاريخ اليمني القديم حيث ربطت اليمن بكل من شرق إفريقيا وجنوب البحر المتوسط بطرق التجارة العالمية آن ذاك. واستمرت سيطرة المعافر على الساحل الإفريقي بالرغم من تبعيتها أحيانا لمملكة سبأ وذي ريدان.
وقد امتدت دولة المعافر منذ ما يقارب من 1300سنة، أي منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد وحتى نهايته، مرورا بالقرنيين الخامس والسادس الميلادي
المعافر في عصر الدويلات:
بظهور الدعوة الإسلامية في مكة، وجهود الرسول عليه الصلاة والسلام المبذولة في نشرها وبأساليب مختلفة، كان أحدها توجيه الرسائل للملوك في بعض المناطق ومنها توجيه رسائل إلى أقيال اليمن وملوك حمير. ففي رسالته إلى أهل اليمن والتي كانت موجهة للملوك الحميريين، والمقصود بهم الأقيال الذين ورثوا السيطرة على المناطق الجنوبية الغربية من اليمن -الممتدة من مشارف صنعاء شمالا حتى مشارف عدن جنوبا ومن يافع شرقا إلى تهامة غربا- وكانت تعز بمثابة القلب لها.. ففي رسالة الرسول (ص) إلى أبناء عبد كلال ذكر في مقدمتها من محمد رسول الله إلى شرحبيل ابن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين والمعافر وهمدان..’’، كما أرسل رسالة أخرى إلى باذان والي صنعاء.
وهذا دليل على أن الرسول راسل أهل اليمن باعتبارها مخاليف مستقلة، وهي دلالة بأن اليمن دخل نظام المخاليف كنظام متبع لإدارة شئون المناطق منذ وقت مبكر، ونشأة الدولة في اليمن واستمرارها كان على هذا الأساس، وأن الرسول (ص) تعامل معهم وفقا لهذا النظام.
لذا جعل من مخلاف الجند مقراً لمعاذ بن جبل مبعوثه إلى أهل اليمن، في الوقت الذي أرسل إلى حضرموت وإلى صنعاء و نجران رسلاً آخرين.
ويعد الصليحيون أول من بنى قلعة القاهرة المطلة على تعز (وعرفت بحصن تعز) كقلعة عسكرية، عندما قرروا بسط نفوذهم على أجزاء مختلفة من اليمن، فكانت القلعة مركز انطلاقهم في التوسع. إلا أن توران شاه الأيوبي (1174) بعد بسط نفوذه على اليمن قرر أن يتخذ من تعز مقرا له، لتوفر عدة شروط أهمها الصحية.
المعافر في التاريخ المعاصر:
خلال الفترات التي كانت الدولة في أوج قوتها كان نظام الأقاليم والاستقلال الإداري الذاتي هو النظام السائد، باستثناء المئة سنة الأخيرة من التاريخ المعاصر (1918-2011 ) كما أشرنا، وهي الفترة التي تعد أسوأ الفترات التي امتهنت فيها إنسانية الإنسان اليمني وساد فيها ثقافة الاستبداد والتسلط الجغرافي لمنطقة جغرافية من اليمن على بقية الأجزاء الجغرافية الأخرى، في نوع من التثبت الديني والادعاء بالحق الإلهي والمناطقية وصل في بعض منه إلى حد الطائفية والمناطقية الجغرافية للجزء مقابل الكل، الأمر الذي واجهت معه العديد من المناطق الجغرافية امتهاناً في الحق والواجب والثقافة اللهجة والفنون والعادات والتقاليد.. مقابل السعي لنشر ثقافة ولهجة وفن منطقة جغرافية صغيرة باعتبارها كل اليمن ولا تمثل ذلك الجزء الذي هي منه.
ويعد الإمام يحيى ومن بعده الإمام أحمد أكثر من كرس ونشر ثقافة الاستبداد والهيمنة وغرس الحق في الحكم لفئة محددة من الناس دون سواهم، حتى صار حقا إلهي وجغرافيا لمنطقة جغرافية دون سواها من الوطن اليمني. ومعه استبد بالآخرون فأصبح الحق الإلهي حقا جغرافيا استحوذ على السلطة والقوة والمال معا.. مقابل آخر بعيدا عن السلطة والقوة ويعيش على الكفاف مقابل الجهد.
وختاما:
إن طبيعة العلاقة بين الدولة والمواطن كان متضمنا شكلا هرميا في إدارة الدولة تمثل في أن هذا الاستعراض التاريخي يدفعنا إلى القول أن اليمن لم تحكم قط عبر الإدارة المركزية سواء في الفترة المعاصرة، التي يمكن أن نعرفها بفترة الاستبداد (1918-2011) والتي بدأت مع خروج الأتراك من اليمن وتوزيع تركة الرجل المريض (تركيا) ومعها تسلم الإمام يحيى حميد الدين مهام إدارة الدولة في اليمن .
واعتبر الإمام يحيى أن أجزاء من أراضي اليمن مخالفة له بالمذهب (اعتبرها مارقة وخارجة عن دين محمد صلى الله عليه وسلم) وتعامل مع إب وتعز تعامل الفاتح وكرد فعل اعتبر من الضروري فتحها إسلاميا.
والله ولي الهداية والتوفيق،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق