الا يكفي هذا الانحدار لإنقاذ جامعة صنعاء؟!!!

الجمعة، 29 أكتوبر 2010

عالج نفسك من مرض السرطان ....!!!!



عالج نفسك من مرض السرطان ....!!!!

وصلني عبر النت من صديق هذه الدراسة الهامة بحكم اهتماماتي في علم الاجتماع الطبي, ونظرا لأهميتها للفائدة العامة ولضرورة تعميمها لأكبر عدد ممكن فضلنا تعميمها عبر موقعنا كما هي باللغتين العربية والانجليزية ودون تدخل:


في احدث بحث طبي صادر عن جامعة الأبحاث الطبية الأمريكية الشهيرة-جان هوبكنز- والتي تعد ثاني أحسن جامعة ومركز أبحاث طبي على مستوى أمريكا:

بعد سنوات طويلة من القول للناس بان العلاج الكيماوي هو الطريقة الوحيدة لمحاولة ( لمحاولة - هي كلمة السر هنا ) التخلص من السرطان, فان جامعة جان هوبكنز أخيرا بدأت تقول هناك حل بديل :

احدث أبحاث السرطان من جامعة جان هوبكنز

كل شخص عنده خلايا سرطانية داخل جسمه. هذه الخلايا لا تظهر في التحاليل والاختبارات المعملية العادية إلا بعد أن تتكاثر تلك الخلايا ويصل عددها إلى بضعة بلايين. عندما يخبر الأطباء مرضاهم بعد العلاج انه لم يصبح هناك خلايا سرطانية في أجسامهم, فان هذا فقط يعنى ان الاختبارات لم تكتشف الخلايا لأنها لم تصل إلى الحد الذي يمكن معه اكتشافها في الاختيارات المعملية.

2. Cancer cells occur between 6 to more than 10 times in a person's lifetime.

الخلايا السرطانية تظهر ما بين 6 إلى 10 مرات في حياة الفرد
3    When the person's immune system is strong the cancer cells will be destroyed and prevented from multiplying and forming tumors.
عندما يكون الجهاز المناعي للشخص قوى فان الخلايا السرطانية يتم تدميرها في هذه الحالة وتمنع من التكاثر وتكوين الأورام.

4. When a person has cancer it indicates the person has multiple nutritional deficiencies. These could be due to genetic,environmental, food and lifestyle factors.
عندما يصاب الشخص بالسرطان فان هذا يشير إلى وجود أوجه نقص غذائية متعددة, وهذه عادة ما تكون بسبب عوامل جينية أو بيئية أو غذائية أو بسبب نمط الحياة الذي يعيشه الإنسان.

5. To overcome the multiple nutritional deficiencies, changing diet and including supplements will strengthen the immune system.
للتغلب على أوجه النقص الغذائية المتعددة, فان تغيير نوعية الطعام وإضافة مكملات يمكن أن يقوى الجهاز المناعي.

6. Chemotherapy involves poisoning the rapidly-growing cancer cells and also destroys rapidly-growing healthy cells in the bone marrow, gastrointestinal tract etc, and can cause organ damage, like liver, kidneys, heart, lungs etc.
العلاج الكيماوي يشمل تسميم الخلايا السرطانية السريعة النمو وأيضا يؤدى إلى تدمير الخلايا السليمة السريعة النمو في النخاع الشوكي والجهاز الهضمي وقد يؤدى ذلك إلى أضرار بأعضاء مثل الكبد والكلى والقلب والرئتين وغيرهم.

7. Radiation while destroying cancer cells also burns, scars and damages healthy cells, tissues and organs.
العلاج بالإشعاع بينما هو يدمر السرطان, فانه أيضا يحرق ويشوه ويضر بالخلايا السليمة والأنسجة والأعضاء.

8. Initial treatment with chemotherapy and radiation will often reduce tumor size. However prolonged use of chemotherapy and radiation do not result in more tumor destruction.
العلاج المبدئي والأولى بالكيماوي والإشعاع غالبا ما يؤدى إلى تقليل حجم الورم. ولكن الاستخدام المطول للكيماوي والإشعاع لا يسفر عن اى تدمير اضافى للورم.
9. When the body has too much toxic burden from chemotherapy and radiation the immune system is either compromised or destroyed, hence the person can succumb to various kinds of infections and complications.
عندما يحتوى الجسم على عبء هائل من السموم نتيجة العلاج الكيماوي والإشعاع فيؤدى ذلك إلى تدهور أو تدمير الجهاز المناعي, وعليه فان الإنسان يصبح فريسة لأنواع عديدة من العدوى والمضاعفات.
10. Chemotherapy and radiation can cause cancer cells to mutate and become resistant and difficult to destroy. Surgerycan also cause cancer cells to spread to other sites.
العلاج الكيماوي والإشعاع يدفع الخلايا السرطانية إلى النحور وان تزيد مقاومتها ويصبح من الصعب التخلص منه. والجراحة أيضا من شأنها أن تجعل الخلايا السرطانية تنتشر في أماكن اخرى.
11. An effective way to battle cancer is to starve the cancer cells by not feeding it with the foods it needs to multiply
الطريقة الفعالة لمحاربة السرطان هو عن طريق تجويع الخلايا السرطانية بحرمانها من الأطعمة التي تحتاجها للتكاثر
*CANCER CELLS FEED ON:

الخلايا السرطانية تتغذى على التالي:
a. Sugar is a cancer-feeder. By cutting off sugar it cuts off one important food supply to the cancer cells. Sugar substitutes likeNutraSweet, Equal, Spoonful, etc are made with Aspartame and it is harmful. A better natural substitute would be Manuka honey or molasses, but only in very small amounts. Table salthas a chemical added to make it white in color. Better alternative is Bragg's amino or&nb sp;sea salt.
السكر مغذى للخلايا السرطانية.بالامتناع عن تناول السكر فان هذا يقطع على الخلايا السرطانية مصدر غذائي هام, بدائل السكر مثل النيوتراسويت , ايكويل وسبونفول تصنع من مادة الاسبرتام وهى مادة ضارة.
البديل الطبيعي الأفضل هو العسل الأبيض أو العسل الأسود ولكن بكميات قليلة جدا.
ملح الطعام يضاف إليه مادة كيماوية لتجعل لونه ابيض.البديل الأفضل هو ملح البحر.
b. Milk causes the body to produce mucus, especially in the gastro-intestinal tract. Cancer feeds on mucus. By cutting off milk and substituting with unsweetened soy milk cancer cells are being starved.
اللبن يدفع الجسم إلى تكوين المخاط, وخاصة في الجهاز الهضمي. السرطان يتغذى على المخاط. بالامتناع عن اللبن واستبداله بلبن الصويا غير المحلى فان هذا يؤدى إلى تجويع الخلايا السرطانية.
c. Cancer cells thrive in an acid environment. A meat-based dietis acidic and it is best to eat fish, and a little chicken rather than beef or pork. Meat also contains livestock antibiotics, growth hormones and parasites, which are all harmful, especially to people with cancer.
الخلايا السرطانية تنتعش في البيئة الحامضية.النظام الغذائى الذي يحتوى على اللحوم هو نظام حامضي ومن الأفضل أكل السمك وقليل من الدجاج بدلا من اللحم القرى أو لحم الخنزير. اللحم أيضا يحتوى على المضادات الحيوية للماشية, هرمونات النمو والطفيليات, والتي تعتبر كلها ضارة وخاصة لمرضى السرطان.
d. A diet made of 80% fresh vegetables and juice, whole grains, seeds, nuts and a little fruits help put the body into an alkaline environment. About 20% can be from cooked food including beans. Fresh vegetable juices provide live enzymes that are easily absorbed and reach down to cellular levels within 15 minutes to nourish and enhance growth of healthy cells. To obtain live enzymes for building healthy cells try and drink fresh vegetable juice (most vegetables including bean sprouts) and eat some raw vegetables 2 or 3 times a day. Enzymes are destroyed at temperatures of 104 degrees F (40 degrees C).

النظام الغذائي الذي يحتوى على 80% من الخضروات الطازجة والعصائر, الحبوب الكاملة, البذور, المكسرات وقليل من الفواكه تساعد على وضع الجسم فى بيئة قلوية. 20% يمكن أن يكون من الطعام المطهى مشتملا على البقوليات. عصائر الخضروات الطازجة تمد الجسم بالانزيمات الحية والتي من السهل امتصاصها بالجسم ووصولها الى مستويات الخلايا خلال 15 دقيقة ليغذى ويحسن من نمو الخلايا السليمة. للحصول على الانزيمات الحية لبناء الخلايا السليمة حاول أن تشرب عصير الخضروات الطازجة ( اغلب الخضروات يمكن عصرها ) وداوم على اكل الخضروات النيئة مرتين الى ثلاث مرات يوميا. الانزيمات يتم تدميرها عند درجة حرارة 104 فهرنهايت أو 40 درجة مئوى.
e. Avoid coffee, tea, and chocolate, which have high caffeine.Green tea is a better alternative and has cancer fighting properties. Water-best to drink purified water, or filtered, to avoid known toxins and heavy metals in tap water. Distilled water is acidic, avoid it.
تجنب القهوة, الشاي والشوكولاتة والتي تحتوى على نسبة عالية من الكافيين. الشاي الأخضر يعتبر بديل أفضل ويحتوى على خصائص مقاومة للسرطان. الماء-من الأفضل شرب الماء النقي أو المفلتر وذلك لتجنب السموم والمعادن الثقيلة والتي توجد في ماء الصنبور. الماء المقطر حامضي فتجنبه.
12. Meat protein is difficult to digest and requires a lot of digestive enzymes. Undigested meat remaining in the intestines becomes putrefied and leads to more toxic buildup.
بروتينات اللحوم صعبة الهضم وتتطلب الكثير من الانزيمات الهاضمة. اللحم غير المهضوم والذي يبقى في الأمعاء يتعفن ويؤدى إلى مزيد من تراكم السموم.
13. Cancer cell walls have a tough protein covering. By refraining from or eating less meat it frees more enzymes to attack the protein walls of cancer cells and allows the body's killer cells to destroy the cancer cells.
خلايا السرطان تكون محاطة بغشاء بروتيني قوى. بالامتناع عن أكل اللحوم أو التقليل منها فان هذا يساعد على تحرير كمية اكبر من الإنزيمات لمهاجمة الأغشية أو الحوائط البروتينية للخلايا السرطانية وتمكن خلايا الجسم المقاتلة من تدمير الخلايا السرطانية.
14. Some supplements build up the immune system (IP 6, Flor-ssence, Essiac, anti-oxidants, vitamins, minerals, EFAs etc.) to enable the bodies own killer cells to destroy cancer cells. Other supplements like vitamin E are known to cause apoptosis, or programmed cell death, the body's normal method of disposing of damaged, unwanted, or unneeded cells.
بعض من المكملات تبنى الجهاز المناعي مثل ( اى بى 6, الفلورسنس, ايزايك, مضادات الأكسدة, الفيتامينات, المعادن, الايافايز وخلافه ) وذلك لتمكن خلايا الجسم المقاتلة من تدمير الخلايا السرطانية. مكملات اخرى مثلفيتامين هاء معروف بأحداث ما يسمى ببرمجة موت الخلايا وهى طريقة الجسم الطبيعية فى التخلص من الخلايا التالفة والغير مرغوب فيها وأيضا التي لا يحتاجها الجسم.
15. Cancer is a disease of the mind, body, and spirit. A proactive and positive spirit will help the cancer warrior be a survivor.Anger, un-forgiveness and bitterness put the body into a stressful and acidic environment. Learn to have a loving and forgiving spirit. Learn to relax and enjoy life.
السرطان مرض العقل والجسم والروح. الروح والنفس الايجابية والفاعلة سوف تساعد مناضل السرطان على النجاة. والغضب وعدم التسامح والمرارة يجهدوا الجسم ويحولوا بيئة الجسم إلى بيئة حامضية. تعلم أن يكون لديك روح محبة ومتسامحة. تعلم الاسترخاء والاستمتاع بالحياة.
16. Cancer cells cannot thrive in an oxygenated environment.Exercising daily, and deep breathing help to get more oxygen down to the cellular level. Oxygen therapy is another means employed to destroy cancer cells.
الخلايا السرطانية لا يمكنها الانتعاش في بيئة اكسيجينية. ممارسة الرياضة يوميا والتنفس بعمق يساعد على إدخال مزيد من الأكسجين بعمق حتى المستوى الخلوي. العلاج بالأكسجين يعتبر وسيلة اخرى تستخدم لتدمير الخلايا السرطانية.
1. No plastic containers in micro.
يجب عدم وضع الاوانى البلاستيكية داخل الميكرويف.
2. No water bottles in freezer.
يجب عدم وضع زجاجات الماء البلاستيك داخل فريزر الثلاجة.
3. No plastic wrap in microwave.
يجب عدم استخدام الأغطية البلاستيك في الميكرويف.
Johns Hopkins has recently sent this out in its newsletters. This information is being circulated at Walter Reed Army Medical Center as well. Dioxin chemicals cause cancer, especially breast cancer. Dioxins are highly poisonous to the cells of our bodies. Don't freeze your plastic bottles with water in them as this releases dioxins from the plastic. Recently, Dr. Edward Fujimoto, Wellness Program Manager at Castle Hospital, was on a TV program to explain this health hazard. He talked about dioxins and how bad they are for us. He said that we should not be heating our food in the microwave using plastic containers. This especially applies to foods that contain fat. He said that the combination of fat, high heat, and plastics releases dioxin into the food and ultimately into the cells of the body. Instead, he recommends using glass, such as Corning Ware, Pyrex or ceramic containers for heating food You get the same results, only without the dioxin. So such things as TV dinners, instant ramen and soups, etc., should be removed from the container and heated in something else. Paper isn't bad but you don't know what is in the paper. It's just safer to use tempered glass, Corning Ware, etc. He reminded us that a while ago some of the fast food restaurants moved away from the foam containers to paper. The dioxin problem is one of the reasons.
Also, he pointed out that plastic wrap, such as Saran, is just as dangerous when placed over foods to be cooked in the microwave. As the food is nuked, the high heat causes poisonous toxins to actually melt out of the plastic wrap and drip into the food. Cover food with a paper towel instead.  
جامعة جان هوبكنز نشرت هذا البحث مؤخرا في دوريتها العلمية. هذا المعلومات يتم تناقلها أيضا داخل مركز والتر ريد الطبي العسكري بولاية تكساس الأمريكية. كيماويات الدايوكسين تسبب السرطان خاصة سرطان الثدي. الدايوكسينات تعتبر شديدة السمية على خلايا الجسم. لا تجمد الزجاجات البلاستيكية وبها ماء, حيث أن هذا يحرر ويطلق الدايوكسينات من البلاستيك. د/ ادوارد فوجيموتو مدير برنامج الصحة بمستشفى كاسل ظهر مؤخرا في برنامج تليفزيوني ليشرح هذه الظاهرة. تكلم عن الدايوكسينات وكم هي مضرة لصحتنا وقد أشار إلى أننا لا يجب أن نسخن طعامنا في الميكرويف وهو داخل اوانى بلاستيكية, وخاصة اذا كان هذا الطعام يحتوى على دهون, وقال أيضا ان عوامل الدهون والبلاستيك مع وجود الحرارة العالية يساعد على إطلاق الدايوكسينات فى الطعام ومن ثم إلى خلايا الجسم بعد ذلك. وبدلا من ذلك فهو يقترح استخدام الزجاج أو الاوانى السيراميكية لتسخين الطعام وهذا يعطينا نفس النتائج ولكن بدون الدايوكسينات. وذكر أيضا ان بعض مطاعم الوجبات السريعة قد تحولت مؤخرا من استخدام اوانى الفوم إلى استخدام الورق وذلك بسبب الدايوكسين. وذكر أيضا ان الورق البلاستيك والأغطية البلاستيكية تمثل نفس الخطورة إذا ما وضعت على الطعام لتغطيته أثناء طهيه بالميكرويف. فانه أثناء طهي الطعام فان الحرارة العلية تدفع السموم الضارة الموجودة في الأغطية البلاستيكية إلى الذوبان وتنزل النقط على الطعام, قم بتغطية الطعام بمنشفة ورق بدلا من البلاستيك.



الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

11ــ التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا




أ.د/ عبد الله مُـعـمــر*

amh.171@hotmail.com

أولا: المقــــدمــة.. لماذا؟؟

لكتاب ابن خلدون (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، المكون من سبعة أجزاء، مقدمة تعد الجزء الثامن. و عرف بالمقدمة لما أطلق ابن خلدون عليه فيما كتبه عن نفسه (التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا)، ولما كرره لكلمة المقدمة في متن كتاب العبر أكثر من مرة.

غير أن حاجي خليفة في موسوعته (الموسوعة الصنفة) ثبتها بإسم ( مقدمة ابن خلدون ) في العام 1835م، ثم أثبت هذا الاسم بعد ذلك في كل المطبوعات.

وعرفت المقدمة في تاريخنا الحديث عن طريق اختيار فصول منها، اذ سبق سلفستردي العام 1806م، وان قام بنشر فصلين عن الملك والفاطميون، وكذا الفرنسيون هامار، ودي تاس، وفريتاج، والذين قاموا بنشر مقتطفات من فصول المقدمة العام 1822م، وفي العام 1825م قام الفرنسي شولتز، بنشر مقتطفات منها، بعنوان (مقدمة في علم التاريخ)، وكذا السوري صبحي المحمصاني، في العام 1932م، أعد ونشر الفصول الاقتصادية في المقدمة، ثم نشر شارل عيسوي (مصري) في كتابه فلسفة تاريخ العرب، مختارات من مقدمة ابن خلدون في تونس، العام 1950م، بالإضافة إلى ما نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، عام 1998م، بعنوان المختارات من مقدمة ابن خلدون، أعدها للنشر الدكتور سمير سرحان، والدكتور محمد عناني.

و في اليمن سبق للكاتب وأن اقتطف من مقدمة ابن خلدون عدة فصول مختارة، قسمها إلى خمسة محاور، سبق نشرها باسم (شروط الرئاسة والملك عند ابن خلدون) عام 2009م، نعتقد أنها تحدد الملامح العامة لمكونات فكر ابن خلدون، في العصبية والدولة والملك والبداوة والحضر والرئاسة، من خلال المحاور الآتية:

أولا: مدخل عام .. ويشتمل على السيرة الذاتية، وتحديد معني ومفهوم علم العمران البشري (الاجتماع الإنساني)، وهي التسمية الأدق علميا في تسمية علم الاجتماع، كما أطلقها ابن خلدون على علمه الجديد، بصورة جازمة، وبما لا يدع مجالا للشك، بأن ابن خلدون كان أول من عرف هذا العلم، بالعمران البشرى، أو الاجتماع الإنساني. وما ينتج عن هذا من تفاعل إنساني بين البشر قبل غيره من العلماء (سان سيمون، أوجست كونت). إلا أن ابن خلدون سبق عصره. فكان علمه خارج دائرة الزمان، الأمر الذي لم يدع مجالا لفهم هذا العلم والتفاعل معه.

أما المحور الثاني: يتضمن البداوة والعوامل المؤدية إلى انتقال البداوة إلى الحضر، باعتبار أن البداوة أساس التطور البشري، أو المرحلة الأولى للاجتماع الإنساني المنظم. وهي أعلاء من مرحلة التوحش البشرى.

ويتضمن المحور الثالث: رأى ابن خلدون في الرئاسة، وشروط توليها، كونها من عوامل الانتقال من البداوة إلى الحضر والتي تقوم على العصبية.

لذا كان المحور الرابع عن العصبية، كونها الأساس الذي يقوم عليها العمران البشري، أو الاجتماع الإنساني.

أما المحور الخامس: فقد أفرد للملك والدولة.. وما يؤثر على الملك والدولة من عوامل وأسباب القوة والضعف.

وهذه المحاور هي أساس الفكر الخلدوني، وبها يمكن أن تكون عند المطلع عليها فكرة متكاملة عن إسهامات ابن خلدون في مجال علم العمران أو الاجتماع الإنساني.



ثانيا: سيرته الذاتية:



1ــــ ميلاده:

عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن ابي بكر بن خلدون الحضرمي، ينتمي نسبه إلى وائل بن حجر من أقيال اليمن، وفد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام لإعلان إسلامه، ضمن جموع اليمنيين الذين أسلموا على يد الرسول عليه الصلاة والسلام, فبسط رداءه وأجلسه عليه، ودعا له بقوله (اللهم بارك في وائل بن حجر، وولده وولد ولده إلى يوم القيامة).

ولد ابن خلدون في تونس يوم 27 مايو 1332م، كان جده خالد بن عثمان أول من وفد من أسرته إلى الأندلس، وصارت أسرته من الأسر التي لعبت دورا مهما في أشبيلية حتى خرجت من أيدي المسلمين.

وقبل حولي 84 سنة من ولادة ابن خلدون، وصلت أسرته إلى مدينة سبته عام 1248م، بعد سقوط مدينة إشبيلية، وانتزاعها من أيدي المسلمين، فصارت أسرته ذات شأن في بلاد المغرب العربي، ومن الأسر التي ساهمت في العمل السياسي آنذاك. فقد كان جده (أبي بكر) رئيسا لمالية الخليفة المستنصر أبي إسحق الحفصي، وجده محمد بن أبي بكر حاجبا خاصا للأمير أبي فارس حاكم بجاية.

إلاّ أن أباه (محمد) ترك أعمال الدولة إلى العلم والتحصيل العلمي، والذي توفي بينما لا يزال عبد الرحمن في سن صغيرة جراء انتشار وباء الطاعون في بلاد المغرب العربي (تونس)، والذي قضى على العديد من العلماء، ومن لم يدركه الموت ترك تونس راحلا عنها فرارا من الموت.



2ـــ تحصيله العلمي:

أ- تلقي تعليمه الأول بإشراف أبيه، الذي كان من فقهاء المالكية، ولغويا بارعا، ودارسا مجيدا لكل من المنطق والفلسفة، وكان يعتبر من أشهر علماء عصره بتونس، مما مكن ابن خلدون من الإفادة من أبيه، ومن العديد من أساتذة العلم الذين كانوا يترددون على دار أبيه، في تلك المرحلة بمعرفة المنطق والفلسفة، والبلاغة، واللغة، والرياضيات.

وكان لمستوى والده العلمي والثقافي دورٌ هامٌ في تحصيله والرفع من شأنه العلمي، بل وسبب في تنوع وتعدد مصادر تحصيله، إذ شهد مجالس العلم والأدب في بيت والده واستمع إلى دروس مشاهير العلم، واللغة، وعلماء الشريعة، والدين، وعلى يد والده درس أصول المذهب المالكي، وقد ساعد ثراء أسرته على تميز مستوى التحصيل لديه وتعدده وتنوعه.

بدأ في تعلم اللغة، وحفظ القرآن، وقراءاته السبع‘ والكثير من الأحاديث النبوية، والشعر.

وقد مثلت سيطرة أبي الحسن سلطان المريني على تونس عام 1347م، فرصة للتنوع الثقافي، فكان لتشجيعه غير المحدود لرجال العلم والأدب أكبر الأثر في انتهال ابن خلدون وتحصيله العلمي، بوفادة العدد الكبير منهم إلى تونس من مختلف مدن المغرب العربي (تلمسان، فارس، وقرطبة). ويعد أبو عبد الله الآبلي من أهم من أسهم في تكوينه وأثر في ثقافته وتحصيله العلمي.



ب- أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي:

أخذ عنه، سماعا وإجازة، وكتاب الموطأ للإمام مالك، والأمهات الست، والسير لابن إسحق، وكتبا أخرى غيرها، كما استطاع أن يطلع على العديد من الكتب التي كانت في خزانته، في الفقه واللغة العربية، والأدب، وسائر الفنون.



جـ ــ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي:

من أولئك الذين عادت أسرهم إلى المغرب العربي بعد سقوط إشبيلية، واستقر به الحال في تلمسان. والتي كانت من أشهر المدن في المعرفة العلمية والرياضيات والمنطق أنذاك.

انتهل الأِبلي العلم والمعرفة من مصادر متعددة (منطق، فلسفة، رياضيات، فلك، علوم دينية وشرعية، وعلى يد أبرز علماء عصره كابن زيدون، والإمام التلمساني، وأبي العباس ابن البناء، وهو الأمر الذي أفاد منه ابن خلدون فيما بعد بتتلمذه على يد الأِبلي حتى أصبح معلمه الأول، وظل يتردد عليه على مدى ست سنوات أثناء إقامته في تونس 1347- 1352م، والذي لم يخرج منها بالرغم من انتشار الطاعون ورحيل العديد من العلماء منها ممن نجوا من الموت.

وكان الأِبلي أحد الذين قدموا مع السلطان أبي الحسن المريني إلى تونس بعد احتلالها، مما مكن ابن خلدون من التردد على مجالسة والإفادة منه. والذي كان له دورٌ هامٌ في تحصيله لعلوم الفلسفة والمنطق وطريقة التفكير العلمي والعقلي، وتعرفه على كثير من آراء فلسفة أرسطو وسقراط وأفلاطون، وكذا فلسفة الكندي وابن رشد وابن سيناء، والرازي، ونصير الدين الطوسي.

وعلى يده تعلم الكتابة المنهجية وأسلوب البحث العلمي، فكتب أبحاثا عدة بإشرافه أثناء مرحلة التحصيل منها: المحصل في أصول الدين، وكذا فلسفة ابن رشد، وغيرها، بينما كان يافعا.



د - ابن الخطيب: وقد ربطته بابن خلدون علاقة صداقة وطيدة ومتميزة، وكان ابن الخطيب شاعرا ورياضيا، وصاحب فكر ماديّ متحررٍ، وذا نزعة فكرية تحررية، استفاد منه بن خلدون في تكوين الأصول المنهجية والعلمية التي استفاد منها من خلال اللقاءات والمراسلات المتبادلة بينهما.

كما استفاد منه مهنيا بتقديمه للسلطان محمد الخامس سلطان غرناطة، حتى أصبح سفيرا له في أشبيلية وضمن حاشيته.

ونظرا لتميزه ونبوغه الفكري إلى حد تجاوز عصره أعدم نهاية المطاف بتهمة الإلحاد، بعد فراره من غرناطة إلى فاس. على اثر توجيهه خطاب شديد اللهجة ينتقد فيه الأعمال السياسية للسلطان محمد الخامس، مما أغضب السلطان، فطلب من السلطان أبي العباس بالقبض عليه، وحوكم بتهمة الإلحاد.



ثالثا: الأعمال والمهام السياسية في المغرب :

1ـ برحيل (الأِبلي) عن تونس ووفاه والده محمد، مثل ذلك منعطفا مهماً في حياته، بتحمله مسئوليات خارج إطار التحصيل العلمي، فشغل أول مهمة رسمية في إطار الدولة، إذ عمل بقلم الكتاب بالمحكمة، ثم كبير أمناء الديوان السلطاني بتونس.

2ـ وفي غفلة من العمل المهني الذي التحق بها بعد موت والده وخروج الأٍبلي من تونس، والذي كان تحت ضغط أخيه الأكبر (محمد) قرر العودة إلى العلم والتحصيل... ولكن في مدينة فاس.

وفي فاس تمكن من مجالسة علماء عصره ومناظرتهم، مما رفع من شأنه بينهم حتى ضم إلى حاشية السلطان، ثم تقلد مهمة سكرتير خاص بسلطان فاس. لكن ذلك لم يدم طويلا، بل أدى به إلى السجن لما يقارب العامين (21 شهر) ليخرج منه في عام 1358م، بعد وفاة سلطان فاس أبي عنان.

3ــ بوفاة سلطان فاس أبي عنان، وجد ابن خلدون نفسه داخل صراع بين ورثة أبي عنان على الملك، فما كان منه إلاّ أنه انظم إلى ذاك الصراع لمدة ثلاث سنوات (1358- 1360م)، كمقاتل في الجيش إلى جانب السلطان محمد الخامس سلطان غرناطة.

ثم قلد بعدها كاتب السر والإنشاء للسلطان في فاس، وتولى خطة القضاء، لكن ما لبث أن غادر فاس لخلاف بينه وبين الوزير عمر بن عبد الله إلى غرناطة.

4ـ في عام 1362م، انظم في غرناطة إلى حاشية السلطان محمد الخامس، وما لبث أن عينه سفيرا في أشبيلية، وأسندت إليه توقيع معاهدة السلام، فأداها بنجاح، فما كان من ملك أشبيلية (بيدرو)، إلاّ أن عرض عليه الانضمام إلى خدمته مقابل إعادة أملاك أسرته في اشبيلية، فرفض العرض.

5- في عام 1365م، انتقل بعد عودته من أشبيلية إلى (بجاية) بناءاً على طلب من حاكمها ابن عبد الله محمد لخلاف بينه وبين سلطان غرناطة لوشاية من صديقه ابن الخطيب والذي شعر بالخطر من علاقة ابن خلدون المتميزة بالسلطان. باعتقاده أنه سيحل محله عند السلطان.

وفي بجاية احتل مكانة متميزة لدى السلطان أبي عبد الله، فعين رئيسا لجهاز الدولة، وقاد بنجاح حملات قمع تمرد البدو الرحل، وأجبرهم على دفع الضرائب للدولة.

6- استولى أبو العباس الحفصي على إمارة بجاية بمقتل ابن عمه أمير بجاية أبي عبد الله, ضمن صراعهما على السلطة، وكان ابن خلدون داعما له في صراعه مع ابن عمه، وجمع أموالاً كثيرة دعما للجيش من المواليين والبربر، فما كان من ابن خلدون إلاّ أنه التحق بحاشية أبي العباس بعد انتصاره لكن تحذير أبي العباس من نفوذ ابن خلدون من قبل بعض الساسة وكثرة الدسائس ضده جعله يرحل عنها. فما كان من أبي العباس إلاّ أن صادر أملاك أسرته في بجاية وأملاك أخيه المؤرخ يحي بن خلدون، الذي كتب تاريخ بني عبد الوديد ملوك تلمسان.

7- لكن التآمر وعدم الاستقرار السياسي في بجاية دفع ابن خلدون إلى الفرار إلى (بسكرة) عن طريق قبيلة (الدواويد) ، فانغمس مرة أخرى في بسكرة وسط الدسائس والمؤامرات السياسية.

8- فما كان من سلطان تلمسان المعروف (أبي حمو) إلاّ أن دخل في صراع مع أبي العباس على بجاية مما تطلب الدعم من قبائل الدواويد لأبي حمو، فكلف ابن خلدون القيام بهذه المهمة مقابل أن يكون حاجبا له فرشح أخيه يحي بن خلدون لمنصب الحاجب، وقام هو بإقناع القبائل بالوقوف إلى جانب سلطان تلمسان (أبي حمو) ، لما تربطه من علاقة بزعيم قبيلة الدواويد يعقوب بن على.

9- لكن ظروف الحرب بين أبي حمو سلطان تلمسان بل توسعت أكثر لتدور بينه وبين السلطان عبد العزيز المريني حاكم فاس، وبين أبي العباس لم تمكنه من الاستيلاء على بجاية، وامتدت لأكثر من مكان في بلاد المغرب العربي، فقدم العزم على السفر إلى غرناطة للتفرغ للعلم والتحصيل العلمي، لكن السلطان عبد العزيز اعتقله ليمنعه من السفر، ظنا منه أنه يحمل شيئاً ما من أبي حمو للسلطان محمد الخامس.

وبخروج السلطان أبي حمو من تلمسان مهزوما إلى الصحراء كلف ابن خلدون من قبل السلطان عبدالعزيز بإصلاح ذات البين مع قبيلة الدواويد والرياحين والذي نجح فيها، فعين مندوبا للسلطان في بسكرة لاستمالة أهلها إلى جانب السلطان المرينى عبد العزيز.

10- مابين عام 1370- 1372م، كلف من قبل السلطان عبد العزيز بعدة مهام حربية لاسيما قيادته لجيش قبيلة الرياحين، مما أزعج زعماءها وبعض من حاشية الملك فوشوا به لدى السلطان عبد العزيز حتى تخلص منه. بينما كان يؤدي مهام إصلاح العلاقة بينه وبين أهل بسكرة فاتجه إلى تلمسان، لكن السلطان عبد العزيز توفي ودخل أبو حمو تلمسان مرة ثانية، مما أخاف ابن خلدون فقرر الهرب من تلمسان عبر الصحراء، لكنه تاه في الصحراء مع مرافقيه، لينقذه بعض البدو الرحل من الموت.

11- استقر في فاس وعين عضوا في مجلس الحكم بها. وبوفاة السلطان عبد العزيز ورث الحكم بعده كل من أبي العباس المريني والأمير عبد الرحمن لكن الخلاف الدائر بين سلطان فاس أبي العباس المريني وأمير مراكش عبد الرحمن ألقى بظلاله على ابن خلدون، فما كان منه إلاّ أن خرج هاربا إلى غرناطة بعد أن فشل في إنقاذ صديقه القديم ومعلمه ابن الخطيب من الإعدام بتهمة الإلحاد بدخول جموع من المحتجين إلى السجن وقتله داخل السجن.

12- في غرناطة تم التخلص من ابن خلدون ثانية بطرده إلى إقليم تلمسان، مما جعل شيخ قبائل الدواويد محمد بن عريف يتدخل عند السلطان أبي حمو لينقذه من الموت، فاستقر به الحال في رباط ابن مدين قرب تلمسان.

13- احتاجه السلطان أبي حمو للتوسط مع قبيلة الدواويد لكنه وصل إلى بني عريف فقرر عدم إكمال المهمة، وأرسل خطابا للسلطان بذلك يعتذر منه عن عدم إتمام المهمة.

14- في عام 1375م، اعتكف في قلعة ابن سلامة، لدى بني عريف لمدة أربعة أعوام، وشرع في كتابة (العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن جاورهم من ذوي السلطان الأكبر)، لكنه عندما وصل إلى أخبار زناتة والبربر احتاج إلى المراجع العلمية لتدعيم أفكاره، فقرر العودة إلى الأمصار- كما ذكر في سيرته- فقصد تونس لتوفير المراجع.

15- عاد إلى تونس بعد أن اعتذر للسلطان أبي العباس الحفصى عما كان قد بدر منه من مناصرته للسلطان أبي حمو ضده ويطلب العودة إلى طاعته‘ فصفح عنه، وقدم له العطاء وتفرغ لإكمال كتابة العبر في العام 1381م، بينما كان يلقي دروسه على مريديه ويروج لفكره الجديد الذي استقاه من كتابة التاريخ، والواقع الذي كان يعيشه، وقف ضده كثير من أصحاب الاتجاه التقليدي في العلم، وعلى رأسهم إمام الجامع ومفتي تونس الأكبر آنذاك محمد بن عرفة، الذي رأى في ابن خلدون منافسا علميا ومجددا في العلم، في الوقت الذي كان هو رأس السلطة الدينية التقليدية في تونس.



رابعا: ابن خلدون في القاهرة:

* غادر تونس في 25 أكتوبر1382م، عن طريق البحر مع سفينة تجارية من الإسكندرية، بعد أن اشتد الصراع بينه وبين دعاة الاتجاه التقليدي في الفكر، متذرعا للسلطان بأداء فريضة الحج، مما جعله يوافق على سفره.

ويبدو أن الصراع وطبيعته جعل صورة ابن الخطيب وإعدامه بتهمة الإلحاد في فاس تبرز إلى مخيلته. الأمر الذي أشعره بالخطر مما يحاك له في السر، وفعلا كان إحساسه صادقا، فقد كان يدبر له في السر الأمر ذاته. ولولا رحيله عن تونس لوقع له ما وقع لابن الخطيب. لاسيما وأن على رأس معارضيه ابن عرفة، وعدد من رجال السياسة في حاشية السلطان.

* في نوفمبر من عام 1383م وصل ابن خلدون إلى القاهرة، فبدأ في إلقاء دروسه على طلاب الأزهر في كل من المذهب المالكي، ورؤيته النظرية لما يدعو إليه من علم العمران البشري.

* في عام 1384م، وبعد مقابلته للسلطان تقي الدين برقوق، الذي أصبح فيما بعد صديقا شخصيا ومستشارا له، عين مديرا لمدرسة القمحية في مصر، ومدرسا للفقه المالكي، ومنها نادي ابن خلدون بتجديد العلوم وضرورة الأخذ بها وتطوير العلوم، من خلال درسه الأول في مدرسة القمحية، والذي كان مخصصا لدور العلم والعلماء، وأهميته في الدولة.

ثم عين قاضي قضاة المالكية، لكنه وجد جهاز القضاء المالكي وأوقافه في حالة من التردي والفساد الذي ضرب جذوره في أوقاف المذهب المالكي. مما جمع المعارضين ضده فعزل من منصبه بعد أربع سنوات.

* بعد وصوله إلى مصر تم احتجاز أسرته في تونس، لكن توسط السلطان برقوق، أدى إلى الإفراج عنها ومغادرتها تونس إلى مصر، إلاّ أن السفينة غرقت في البحر بكامل أسرته.

* ثم تقلد نفس المنصب ست مرات بعد ذلك لكنه عزل أيضا نتيجة للدسائس التي كانت تحاك ضده من معارضيه. كما كانوا يتهمونه بالقسوة والشدة في تعامله بتنفيذ أوامره وفي محاولة إصلاح الفساد في أوقاف المذهب المالكي. بل وصف بأنه جاهل في الشريعة، ويمارس أسلوبا فاسدا في الحياة.

* أما المقدمة وكتاب العبر فقد وقف منها رجال الفكر والدين أنذاك، موقفا معارضا وعدائيا، وأن ما ورد في المقدمة ما هو إلا أسلوب بلاغي، وتلاعب بالألفاظ، وأن البلاغة تزينها بزخارف، فترى ما ليس حسناً بأنه حسن.

* في مصر حاول ابن خلدون أن ينقح بعض من كتاباته لكتاب العبر، واستكمال بقية كتابة المقدمة، وسيرته الذاتية، وتاريخ التتار، وتاريخ الدول الإسلامية في المشرق وفي الأندلس، وتاريخ الدول القديمة والدول الأعجمية.

* في مصر لم يعش حالة من الاستقرار بل ظل يعيش في حالة من المعاناة والخلافات مع كثير من خصومه السياسيين والمفكرين، إذ نفي إلى خارج القاهرة أثناء عزل السلطان برقوق مؤقتا من الحكم، وعاد بعودته إلى عرش مصر، ثم أقام بالفيوم بين آن وأخر كلما اشتد خلافه مع الغير، كما ظلت خصومته في المغرب العربي تلاحقه إلى مصر، اذ يشير ابن عرفة عند معرفته بتولي ابن خلدون القضاء، بالقول ( كنا نعد خطة القضاء أعظم المناصب، فلما بلغت أن ابن خلدون ولي القضاء عددناها بالضد من ذلك).



خامسا: من صفـاتـــــه:

ويصف ابن حجر العسقلاني ابن خلدون وحديثه في الأزهر (بأنه كان لسانا فصيحا، حسن الترسل، وسط النظم، مع معرفة تامة بالأمور، خصوصا متعلقات المملكة ـ أي الحكم). وهذا تأكيد على أنه كان عالما متمكنا في سرد حججه لتأكيد نظريته في الملك والعصبية.

* في ذات الوقت نجد تقي الدين المقريزي يثني على ابن خلدون، فيصفه دوما بلقب شيخنا، والعالم العلامة، وشيخ الفقهاء، ويصف المقدمة بأنها (لم يعلم مثلها، وأنه لعزيز أن ينال مجتهد منالها، إذ هي زبدة المعارف والعلوم، وبهجة العقول السليمة والفهوم، توقف على كنه الأشياء، وتعرف حقيقة الحوادث والأنباء، وتعبر عن حال الوجود، وتنبئ عن أصل كل موجود، بلفظ أبهى من الدر النظيم، وآلف من الماء مر به النسيم).

والمعروف أن تقي الدين المقريزي داوم على التعلم من ابن خلدون، ومجالسته بصورة دائمة.

* وكان قبل ذلك قد وصفه لسان الدين ابن الخطيب بالقول ( رجل فاضل، حسن الخلق، جم الفضائل، باهر الخصل، رفيع القدر، ظاهر الحياء، أصيل المجد، وقور المجلس، خاصي الزي، عالي الهمة، عزوف عن الضيم، صعب المقاد، قوى الجأش، طامح لقنن الرئاسة، سديد البحث، كثير الحفظ،، صحيح التصور، بارع الحظ، مغري بالتجلة، جواد الكلف، حسن العشرة، مبذل المشاركة، عاكف على رعي خصال الأصالة، مفخر من مفاخر التخوم المغربية).



سادسا: ما قبل الغروب ونهاية المطاف :

بوفاة السلطان تقي الدين برقوق عام 1399م، تولى ابنه حكم مصر، والذي قربه منه، كما كان أبيه، حتى إنه رافقه إلى دمشق أثناء احتلال الشام من قبل التتار، وبحصارها حاول ابن خلدون الفرار منها فأسر من قبل التتار في فبراير 1401م.

وفي الأسر تقابل ابن خلدون مع تيمور لنك، فكان لقاءاً علميا وفكريا، إذ أطلع ابن خلدون تيمور لنك على تاريخ المنطقة والقبائل والشعوب ونقل إليه من المعارف العلمية ما جعل منه شخصية غير اعتيادية في نظر تيمور لنك، وقد استغل كلٌ منهما الآخر، اذ طلب ابن خلدون الإفراج عن الأسرى لديه. فما كان من تيمور لنك إلاّ أن طلب من ابن خلدون أن يكب له عن تاريخ المغرب والمسافات والأبعاد بين المدن. مما شكل عند تيمور لنك خارطة جغرافية وتاريخية متكاملة عن المغرب العربي. فأمر بنسخ الكتاب باللغة التركية للإفادة منه.

* فك أسر ابن خلدون فعاد إلى القاهرة ليظل فيها حتى عام 1406م من يوم 17من شهر مارس، الذي أسدل فيه الستار عن حياة عملاق من عمالقة الفكر العربي في تاريخه القديم والمعاصر والمستقبل، ظهر في فترة كان الجميع فيها أقزاماً لا تتجاوز قامة أيا منهم بضع سنتمترات.

* بوفاة ابن خلدون أسدل الستار عن تاريخ أمة ودفن معه في مقبرة الصوفية في باب النصر بمدينة القاهرة، فكرا وعلما تجاوز الزمن الذي أنتج فيه، ليظل مدفونا مع صاحبه تحت التراب أكثر من 452عام بصدور أول طبعة في باريس من قبل المستشرقين الفرنسيين.

فصاحب الفكر لم يستطع معاصروه فهمه ولم تكن لديهم المهارات العلمية لاستيعابه، ولأن الفكر المنتج من صاحبه كان متجاوزاً للزمان الذي أنتج فيه، فما كان من معاصريه، سواءاً بالمشرق أو بالمغرب العربي، إلاّ أن كانوا أشد قسوة عليه من الزمن ذاته، الذي حرمه مع القدر من جميع أفراد أسرته غرقا في البحر، بعد أن كان قد حرم جده الأكبر من وطنه حضرموت، وحرم جده الثاني (ابابكر) من نعمة الأندلس بكل مغريات وملذات الحياة فيها وشرد مع بقية المسلمين إلى المغرب العربي، والذي كان يمر بمرحلة سياسية مضطربة وصراعات دائمة ما بين قاتل ومقتول، ومنتصر ومهزوم، ليعيش تلك الحياة التي صنعها الأقزام. عملاقا من العمالقة في كل الأزمان، ينظر إليهم ويفكر في أفعالهم ويتبصر في مواقفهم ليحلل ويكتب برؤية واقعية تحليلية حتى جعل ما كتب عما كتبه يتجاوز حجم ما كتبه بمئات المرات.

ابن خلدون في مقدمته لكتاب العبر حير العديد ممن كتبوا حولها وعن فكر ابن خلدون في الشرق والغرب، حتى إن بعضاً من الباحثين أسقط فكره على أغلب النظريات العلمية المعاصرة في الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتاريخ فكان أكثر تجديدا من هذه النظريات.

وترجع عملية الاهتمام بالمقدمة في العصر الحاضر إلى اهتمام الفرنسيين إلى العام 1847م، عندما أمرت وزارة الدفاع الفرنسية‘ بنشر وترجمة الأجزاء الخاصة بتاريخ المغرب العربي، ثم أمر وزير الحربية الفرنسي بنقل مخطوط من القسطنطينية عرفت بمخطوط كاترمير، مع أن أقدم تعريف يالمقدمة يرجع إلى المستشرق الفرنسي سلفستردي ساس في العام 1806م، الذي بدأ بترجمة ونشر فصلين عن الملك والسلطان، والفاطميين.

وصدرت الطبعة العربية عام 1875م، عن مطابع بولاق بمصر، بينما صدرت الطبعة الإيطالية في العام 1847م في فلورنسا.

وترجع أول دراسة علمية عن ابن خلدون من قبل المفكرين العرب لطه حسين الذي ناقش أطروحته للدكتوراه في جامعة السربون بفرنساء عن (الفلسفة الاجتماعية لابن خلدون) العام 1917م، وقام بترجمتها إلى العربية محمد عبد الله عنان عام 1925م، ثم أصدر أيضا كتابا عنه في العام 1932م، بعنوان ( ابن خلدون حياته وتراثه الفكري).

ومن الاجتماعيين العرب يعد الدكتور/ علي عبد الواحد وافي أول من راجع وحقق المقدمة وأشرف على نشرها عام 1952م.



أستاذ علم الاجتماع الخلدوني المشارك

كلية الآداب / جامعة صنعاء

10ـ أسس البناء النظري في نظرية الفائض قراءة أولية لنظرية جديدة فـي علم الاجتماع للمفكر حمود العودي




أسس البناء النظري في نظرية الفائض



قراءة أولية



لنظرية جديدة فـي علم الاجتماع للمفكر حمود العودي

الدكتور/ عبد الله مُـعـمــــر
أستاذ علم الاجتماع المشارك
كلية الآداب / جامعة صنعاء







مقدمـــة:

الأستاذ الدكتور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء بدء فـي إعداد مشروع لنظرية جديدة فـي علم الاجتماع الهدف منها تفسير حركة المجتمعات الإنسانية وجدلية تطورها. أسماها ( نظرية الفائض فـي جدلية التطور الاجتماعي، من المشاعية إلى العالمية) هذا المشروع بدء العمل فيه منذ العام 1985م ولا يزال مشروعا قابل للتطوير يتعامل معه مفكرنا على أنه كذلك. فيسعى الى تطويره من خلال الإضافة والحذف كلما سنحت الفرصة له، وقد وقعت بيدي النسخة الأخيرة منذ أيام قليلة فكانت لي قراءة لهذه المسودة محاولا التعرف على أسس البناء النظري لهذا المشروع العظيم، والإنجاز العلمي المتميز لمفكر يمني قل ما يجود الزمان بمثله.

أولا
المكونات العامة للدراسة
تم تقسيم البحث إلى خمسة أقسام أساسية كل قسم يحمل عنوانا مستقلاً .. يمثل قسماً خاصاً بالبحث.
• القسم الأول: مفاهيم ونقد الفكر النقدي وقد اشتمل على فصلين
- الفصل الأول: المفهوم العام والمفاهيم الخاصة لنظرية الفائض
- الفصل الثاني: نقد الفكر النقدي في التاريخ والتطور الاجتماعي
• القسم الثاني: تشكيلة الفائض الطبيعي لمجتمعات ما قبل الزراعة والرعي.
واشتمل على فصلين هما:
- الفصل الثالث: تاريخ الوجود والتفكير الاجتماعي
- الفصل الرابع: القوانين العامة للوجود الاجتماعي والقوانين الخاصة بتشكيلة الفائض الطبيعي.
• القسم الثالث: تشكيلة فائض (القوت والريع) لمجتمعات ما بعد اكتشاف الفائض الاجتماعي وما قبل الآلة البخارية.
واشتمل على:
- الفصل الخامس: القوانين الأساسية العامة لتشكيلة (فائض ـ القوت والريع ـ القريع).
- الفصل السادس: ما هو خاص (خصوصية) في قوانين إنتاج وعلاقات إنتاج تشكيلة فائض (القريع).
• القسم الرابع: تشكيلة فائض (الأجر والربح) لمجتمعات ما بعد اكتشاف الآلة البخارية وما قبل ثورة المعلومات وهندسة الوراثة.
واشتمل على أربعة فصول أساسية هي:
- الفصل السابع: نقد الأفكار النظرية الشائعة.
- الفصل الثامن: القوانين الأساسية العامة للفائض الاجتماعي الاقتصادي في (تشكيلة فائض ـ الأجر والربح ـ الأجر بح)
- الفصل التاسع: ما هو عام في قانونيات علاقات إنتاج الفائض الاجتماعي الثقافي في (تشكيلة فائض الأجر والربح).
- الفصل العاشر: ما هو خاص في قوانين إنتاج وعلاقات إنتاج تشكيلة فائض الأجر والربح (الأجربح).
• القسم الخامس: تشكيلة فائض الحاجة المستقبلة
- الفصل الحادي عشر: شروط ومقدمات تشكيلة الحاجة (حديث في الأيديولوجيا).
- الفصل الثاني عشر: القوانين العامة لقوى وأدوات إنتاج الفائض الاجتماعي الاقتصادي لتشكيلة الحاجة.
- الفصل الثالث عشر: ما هو عام في قانونيات علاقات إنتاج الفائض الاجتماعي الثقافي (في تشكيلة الحاجة المستقبلية).
ثانياً
تفاعل الإنسان مع البيئة
كل فصل من هذه الفصول اشتمل على عدة فقرات مفسرة وشارحه لمضمون القسم والفصل، وبصورة منهجية متسلسلة تهدف لتوضيح الفكرة الأساسية للنظرية كما يرغب الوصول إليه صاحب النظرية، وفي إطار تراكمي للمعارف العلمية التي تخدم بناءه النظري تبدأ من تحديد المفاهيم الأساسية التي يبنى عليها نظريته، والبحث عن التعريفات والاستخدامات الخاصة بتلك المفاهيم في التراث الفكري والنظري لمختلف الاتجاهات النظرية...ومن ثم وضعه لمقدمات أساسية لمنطقاته النظرية التي تمثل رؤيته النظرية والفكرية في تفسير عملية التطور الاجتماعي الاقتصادي ومخرجاته الثقافية.
وكمقومات أساسية للبناء النظري "للعودي" واكتماله عرض فصلاً خاصاً لما يعرف بالفكر النقدي في التاريخ والتطور الاجتماعي، عرض فيه لمختلف الاتجاهات النقدية التي تفسر عملية التطور الاجتماعي الاقتصادي للمجتمعات البشرية منتقداً تلك النظريات السابقة في تفسيرها لعمليات التطور البنائي، وهو اتجاه منهجي لا يخلو من الصواب في مقومات البناء النظري! وشرط أساسي لاكتمال عملية البناء النظري لأي مفكر أو عالم بهذا الحجم.
بعد تلك المقدمات يبدأ مع بداية القسم الثاني/الفصل الثالث في سرد الأسس والمقومات التاريخية لجدلية العلاقة بين الإنسان ومخرجات تفاعله مع كل ما يحيط به من مكونات طبيعية وغير طبيعية وهي ضرورة لتأصيل الأساس التاريخي لبنائه النظري كقاعدة أساسية لاستشراف الحاضر والمستقبل من أصالة الماضي.
ويستكمل بناءه النظري مع القسم الثالث والرابع والخامس، من كتابه "نظرية الفائض في جدلية التطور الاجتماعي من المشاعية إلى العالمية" حتى تكتمل مع القسم الخامس التوقع المستقبلي لاتجاه تشكيلة الفائض وهو في الغالب توجه عام في النظريات التفسيرية الكبرى (الماركسية مثلاً) وهذا الاتجاه قد يصدق في كل أو بعض منه، وقد لا يصدق، لكن صاحب النظرية رأى في ذلك ضرورة للاكتمال البنائي لنظريته في تفسير عملية التطور الاجتماعي ودور الفائض في تلك العملية والانتقال من مرحلة الى أخرى ,إنما يعود الى الفائض وتأثيره القوي في عملية الانتقال وفي هذا يشير كتاب الاقتصاد السياسي ومنهم بول باران في كتابة الاقتصاد السياسي والتنمية، الى أن الانتقال من الإقطاع الى الرأسمالية ـ مثلا ـ أو من مرحلة الى آخرى، كان يمثل تغيرا جذريا فـي أسلوب استخراج الفائض الاقتصادي وفي طريقة استخدامه وبالتالي فـي حجمه.

ثالثاً
الجذور الفكرية لنظرية الفائض



من أسس التفكير الاجتماعي التعامل مع الموروث الفكري وفق مبدأ الاستيعاب التام لكل من مضمون التراث ودوره في عمليات التفكير الاجتماعي بتحديد من الوعي لتلك الفروق بين كل من التفكير والفكر الاجتماعي ذاته فالتفكير بحسب التعريفات القاموسية له هو بداية الصورة المنظمة للتفكير الإنساني، والتي يرجعها البعض منا خطأ الى البدايات الأولى للفلسفة اليونانية.
أما الفكر الاجتماعي فهو وإن كان نتاج لمخرجات التفكير الإنساني إلا أنه قراءة واضحة لجدلية العلاقة المتفاعلة بين كل من الإنسان والطبيعة بمختلف مكوناتها وشرحاً توضيحياً لها.
وعلى هذا نجد لدى صاحب النظرية استيعاب وفهم كاملين لكل من التاريخ الإنساني والتراث يبدأ لديه من المراحل الأولى لاهتماماته العلمية والفكرية.
ففي كتابه التراث الشعبي وعلاقته بالتنمية في البلاد النامية، دراسة تطبيقية عن المجتمع اليمني 19981م يعرض لنا ما يمكن أن نسميه أسس بناءه مكونات النظرية لنظرية الفائض في الجانب التراثي وتأثير المنتج منه على عملية التنمية الاجتماعية كونه قيمة ثقافية مؤثرة على السلوك الفردي والجماعي ومنعكسة بالضرورة على البنية الإجتماعية والتسمية وهو ما يمكن لنا اعتباره فائضاً اجتماعياً ناجم عن عملية التفاعل بين كل من الفرد والآخر أياً كان شكله ومضمونه. ويلاحظ ذلك بوضوح في عرضه ومناقشته للاتجاهات المختلفة، ومن ثم مناقشته لأشكال التراث الشعبي السائد في المجتمع اليمني وهو تمهيد هام لمعرفه المنتج أو الفائض المعرفي الناجم عن تلك الأشكال وتأثيرها على عملية التنمية أو على إيجاد فائض اجتماعي اقتصادي مؤثر في عملية التطور الاجتماعي.
أما في كتابة المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي دراسة عن المجتمع اليمني 19980م..فإننا نجد بناءاً تمهيدياً أكثر رصانة وأساس حقيقي لما جاء في نظرية الفائض بعد ذلك لمكونات نظرية الفائض لدى (العودي)، وكذا الأسس الخاصة بإنتاج الفائض الاجتماعي ففي القسم الخاص بخصوصيات التفاعل بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج في المجتمع اليمني القديم.
عرض لقوى الإنتاج أو لعملية التفاعل بين الأرض والإنسان، ومن ثم مخرجات هذا التفاعل باعتباره فائضاً اجتماعياً يتجلى في صور متعددة لعمليات التطور الاجتماعي، أفضت تلك المناقشات إلى ثلاثة نتائج أساسية:
1. لم يكتفي الإنسان بما تجود عليه الأرض من خبرات تقوم على مسألة الطمأنينة إلى العوامل الطبيعية فقط، في هذا الجانب، بل بادر إلى عملية التدخل بذاته بهدف زيادة الفائض.
2. استمرار حالة الصراع بين الإنسان والبيئة أزداد حدة مع تحقيق الإنسان لبعض انتصارات المرحلة الأولى، مما جعل حالة الشد والجذب بين القطبين (الأرض والإنسان) غير مستقرة وفي حالة تراكم دائم "فائض" فقد يتخلى أيً منهما عن الآخر بسهولة كنتاج لوجود عامل آخر يقوم برسم الدور الخاص بكل منهما وفق مبدأ توفر الظروف الطبيعية الملائمة للإنتاج، فكلما كانت الطبيعة أكثر ملائمة للإنتاج أوجد ذلك فائضاً لدى الإنسان والعكس.
3. إن حالة التفاعل الشديدة بين كل من الأرض والإنسان، قلل من وجود فائض اجتماعي ميتافيزيقي، مما أنعكس على بذل جهود أكبر من قبله في رفع مقدار الفائض الاجتماعي.
أما من حيث علاقات الإنتاج في ظل تلك الحالة من الصراع بين الإنسان والبيئة الطبيعية بهدف إخضاعها لمصالحة والسيطرة عليها فقد أنتجت نوعاً راقياً من العلاقات الإنتاجية وبناءه الفوقي تقوم أسسه على أن علاقات الإنتاج "قد تجاوزت في مضامينها وأبعادها إلى صميم الواقع الاجتماعي والاقتصادي وعلاقاته الإنتاجية بصفة عامة، وطبعه بالطابع الجماعي الديمقراطي التعاوني الشامل والقائم على أساس احترام العمل وتجسيد المصالح العامة كأساس أولي في بناء المجتمع "المدخل الاجتماعي ص68". فالإيمان العميق بالعمل واحترامه وسيادة الروح التعاونية الجماعية هي المنطلقات الأساسية التي مكنت المجتمع من مواجهة ظروف الطبيعة شديدة الوعورة وعوامله المناخية المتغيرة، وقهرها والتغلب عليها وتطويعها لصالح بناء "المدخل الاجتماعي ص69" حياته.
كما أن لتلك الحالة من التفاعل بين الأرض والإنسان كانت سبباً في الإضفاء "على الحضارة البيئية برمتها الطابع الإنساني والعقلي والعملي الخالي من الخرافة وانتشار الوثنيات والمعتقدات الغيبية الخرافية والأسطورية والاستسلام لرحمة الطبيعة ومصادفاتها، كما كان سائداً في معظم الحضارات القديمة من يونانية ورومانية وفرعونية وفينيقية وبابلية وهندية "المدخل الاجتماعي ص70".

رابعاً
القلق الفكري أساس الإنتاج
النظري



إن مثل هذا التحليل ومنذ وقت مبكر لصاحب النظرية، أمراً واضحاً على وجود تلك النزعة لديه لإيجاد تفسير نظري وعلمي لأسباب الاختلاف في جوهر الحضارات القديمة الكبرى في التاريخ، ولعوامل الاختلاف في مكونات الفائض لديها ونوعيته ( اجتماعي، اقتصادي، ثقافي)، وكذا أسبابه الموضوعية وهى سمة من أصحاب النظريات من مفكرين وعلماء إذ تمتد عبر عدد من المؤلفات أو تطرح على أجزاء صغيرة لتكتمل في النهابة في مكونها الفكري العام .
ونلحظ في كل تلك الكتابات تلك البذور الهامة للبنية النظرية لنظرية الفائض لدى العودي الأمر الذي يؤكد لنا شيئين:
1. الاستيعاب الفائق لمسألة التاريخ والتراث الإنساني، والقدرة على إيجاد تفسيرات بنائية لعمليتي الأسباب والعوامل والمخرجات الخاصة بعملية التفاعلات الاجتماعية الاقتصادية في ظل عدم اقتناع تام بالنظريات السابقة التي تفسر عملية التغير الاجتماعي بمراحله المختلفة.
2. القلق المستمر والضرورة الملحة لدية في ضرورة وجود نظرية اجتماعية تفسر عملية التطور الاجتماعي وفهم آليته المختلفة منذ وقت مبكر لتكوينه الفكري والثقافي مما يدل على القراءة الفاحصة للمراحل التاريخية المختلفة.

خامسا
الحاضرأساس الماضي



ويعد الاستيعاب النظري أساس لرؤية نظرية جديد يأتي بها أي عالم أو مفكر وهو من الشروط المتوفرة لدى صاحب النظرية, بل – بحسب علمي- أجد أن جميع النظريات الاجتماعية الكبرى في علم الاجتماع مستعارة من علوم أخرى، كالفلاسفة, والتاريخ, والاقتصاد, وعلم النفس, .....الخ, أو هي نتاج فكري لعلماء من تخصصات ليسوا من علم الاجتماع, وإن كنت صدقاً في هذا فستكون نظرية الفائض الأولى في علم الاجتماع لشخص ينتمي لهذا العلم ومتشربا منه كل ثقافته.
بيد الأمر أكثر وضوحاً فيما عرض له في الفصل الثاني من كتابة نظرية الفائض من عرض نقدي لكافة النظريات الكبرى والصغرى التي تناقش موضوع التشكيلة الاجتماعية في تفسير جدلية التطور الاجتماعي.
مما يؤكد على استيعاب كامل لكافة النظريات السابقة وفهم أكثر عمقاً لتفسيرها وهذا الاستيعاب بعد من الشروط الأساسية لأي رؤية نظرية جديدة – كما أسلفنا- وهو ما توفر لدى صاحب النظرية وفي وقت مبكر من تكوينه العلمي والفكري وتزداد عمق الرؤية لديه في كتابة نظرية الفائض.

سادسا
الفائض وقوانينه
لدى المفكر العودي

يعد الفائض أساس في تطور المجتمعات، أو العامل المهم في عملية التطور الاجتماعي، والذي يبدأ مع مجتمعات ما قبل الزراعة والرعي، أو ما أطلق عليه:
أولاً: تشكيلة الفائض الطبيعي:
وهي ضمن المرحلة الأولى لتكون المجتمعات البشرية، أو ما عرف بالمجتمعات ما قبل الزراعة والرعي، ولها سمات تميزها عن بقية التشكيلات الأخرى، وقوانين خاصة بها هي:
القانون الأول: قدرة الإنسان على التفكير والتعقل دون غيره من سائر الكائنات الحية.
القانون الثاني: استقامة جسم الإنسان وتحرير يديه من حمل جسده.
القانون الثالث: حماية البقاء "البحث عن تلبية الحاجة والدفاع عن النفس".
القانون الرابع: الضرورة المتعلقة بأزلية حركة التغيير والتغير العام في الطبيعة والمجتمع.
القانون الخامس: الانتقال من البسيط إلى الحركي (فيما يتعلق بعملية التغيير والتفسير).
القانون السادس: وقد عرفت بالقوانين الأساسية العامة للوجود والتطور الاجتماعي.
ثانياً: تشكيلة فائض القوت والريع مجتمعات ما بعد اكتشاف الفائض الاجتماعي وما قبل الآلة البخارية، ولها قوانين أساسية هي:
القانون الأول: جسم الإنسان هو المصدر الرئيسي لإنتاج وإدارة الطاقة المحركة في العملية الإنتاجية.
القانون الثاني: أدوات العمل والإنتاج المادية هي مجرد استطالة للأدوات العضوية.
القانون الثالث: الطابع الفردي المفصل للعمل.
القانون الرابع: ارتباط الإنتاج ووسائل وأدوات الإنتاج بقوة العمل.
القانون الخامس: تسليم المنتجين لفائض إنتاجهم الاجتماعي الاقتصادي للغير.
القانون السادس: مفارقة البناء الفوقي للعملية الإنتاجية.
وهذه القوانين يظهر عليها التأثير واضح من خلال ارتباطها بالبيئة والطبيعة الخاصة منطقة أو تفاعل الفرد مع البيئة، فالمكان ونوعيته يحدد أوجه التفاعل بين الفرد والمكان، وبالتالي يتحدد معه نوعية وشكل الفائض، لذلك تحدد مستويات التنوع في الفائض وفقاً للارتباط المكاني مع الفرد وهو ما أطلق عليه الخاص فـي قوانين إنتاج وعلاقات إنتاج تشكيلة فائض القوت والربح بالآتي:
• مناطق إنتاج فائض اجتماعي اقتصادي ريعي أكبر بجهد أقل ... (قوى وأدوات ووسائل إنتاج) تساوي استبداد وفائض اجتماعي ثقافي أكثر مساواة أقل (علاقات إنتاج).
• مناطق إنتاج فائض اجتماعي اقتصادي ريعي أقل بجهد أكثر (لقوى وأدوات ووسائل إنتاج) يساوى مساواة أكثر واستبداد وفائض ثقافي أقل (كعلاقات إنتاج).
• مناطق إنتاج فائض اجتماعي اقتصادي قوتي أقل (كقوى ووسائل إنتاج) يساوي فائض ثقافي أكبر وتقدم اقتصادي أقل (كعلاقات إنتاج).
• مناطق إنتاج طبيعية أكثر (كوسائل إنتاج يساوي تطور اجتماعي اقتصادي اقل ومساواة وفائض اجتماعي ثقافي أكثر (كعلاقات إنتاج).
ثالثاً: تشكيلة فائض الأجر والربح لمجتمعات ما بعد اكتشاف الآلة البخارية وما قبل ثورة المعلومات وهندسة الوراثة ... ولها قوانينها العامة المتمثلة بالاتي:
1- انتقال مركز الطاقة المحركة من جسم الإنسان إلى الآلة البخارية
2- تحول طاقة جسم الإنسان من طاقة عضلية بالدرجة الأولى وذهنية بالدرجة الثانية في تشكيلة فائض القوت والربح إلى طاقة ذهنية إبداعية موجهة بالدرجة الأولى وعضلية بالدرجة الثانية في تشكيلة فائض الأجر والربح.
3- الانتقال من نمط العمل الفردي المنفصل إلى نمط العمل الجماعي المتصل.
4- الانتقال من نمط الإنتاج ووسائل وأدوات الإنتاج الفردي المتصلة بطاقة العمل الجسدي إلى نمط الإنتاج ووسائل وأدوات الإنتاج الجماعي المنفصلة عنها.
5- تحول البناء الفوقي للمجتمع من متغير مستقل لمتغير تابع هو فائض الربح أي متغير تابع لمتغير مستقل هو فائض الربح.
6- تحول البناء الاجتماعي التحتي من فئات وطبقات تنتج فائض الريع وتسلمه للغير إلى فئات وطبقات تتسلم فائض الأجر من الغير.
7- تحول مصادر البيئة الطبيعية من متغير مستقل بالنسبة لتكنولوجيا الفائض الطبيعي وفائض القريع (القوت والربح) إلى متغير تابع بالنسبة لتكنولوجيا فائض الأجر والربح (الاجريح)
إما ما هو عام في قانونيات علاقات إنتاج الفائض الاجتماعي الثقافي في (تشكيلة فائض الأجر والربح، "الاجربح"), ولها أيضا من القوانين التي تحكم ... نقسمها إلى خمسة هي:
الأولى :
تطور نمط ملكية البناء الفوقي من فائض الربح في تشكيلة فائض الأجر والريح الحديثة والمعاصرة ,مقابل تراجع ملكية البناء التحتي من ملكية فائض القوت وقوى وأدوات الإنتاج إلى مجرد فائض الأجر.
الثاني:
التحول من سلطة الدولة الطبقية القومية المتجهة اقتصاديا إلى الداخل إلى نمط دولة السوق الاقتصادية وسلطة الطبقات المالية والتكنوقراطية المشتركة بين الداخل والخارج (اقتصاد السوق والشركات اللاجنسية)
الثالث :
الانتقال من نمط الانقسام الطبقي على مستوى الداخل إلى نمط الانقسام الطبقي الاقتصادي العالمي المشترك بين الداخل والخارج.
الرابع:
الانتقال من تمركز وإدارة مدخلات ومخرجات الصناعة والتجارة في الداخل أي وحدة وتكامل إدارة هذه المدخلات والمخرجات بين الداخل والخارج.
الخامس:
تحول نمط إنتاج الفائض الاجتماعي الثقافي من دور المتغير الأساسي في الداخل لمتغير ثانوي مع الخارج أي دور المتغير الأساسي المشترك بين الداخل والخارج والثانوي شبة المستقل في الداخل.... لكن هذا النمط له من القوانين الخاصة... ما هو خاص في قوانين إنتاج وعلاقات إنتاج تشكيلة فائض ( الأجر والربح).
تشكيلة فائض (الاجربح) وتعد ابرز معادلات هذه التشكيلة :
• تكنولوجيا أكثر ومصادر طبيعية اقل في الداخل تساوي ضرورة فائض اكبر من الخارج ومساواة اقل بين الداخل والخارج لصالح الداخل.
• تكنولوجيا أكثر ومصادر طبيعية أوفر من الداخل تساوي فائض اجتماعي وفر من الداخل والخارج او رفاهية اعم في الداخل وتكافؤ اقل في الخارج.
• موارد أوفر وتكنولوجيا اقل في الداخل بالاعتماد على الخارج تساوي فائض اجتماعي اقل من الداخل وتبعية وتخلف أكثر من الخارج.
• تكنولوجيا أكثر من الخارج مصادر طبيعية أوفر من الداخل تساوي تبعية وفائض اكبر للخارج وتقدم اقل في الداخل.
• تكنولوجيا أكثر من الداخل ومصادر طبيعية أوفر من الداخل والخارج تساوي فائض أكثر من الداخل والخارج ولا مساواة مع الخارج.

رابعاً: تشكيلة فائض الحاجة المستقبلية :
وفيها توقع مستقبلي لما يمكن إن تؤل إليه قوانين التشكيلة الفائض في عملية التطور الاجتماعي وهذه المرحلة تحكمها مجموعة من القوانين محددة بالاتي:
الأولى:
الانتقال من نمط طاقة الإنسان العضلية الكلية فالجزئية في العمل إلى نمط الطاقة الذهنية والإبداعية الخالصة فيه (ثورة المعلومات وهندسة الوراثة).
الثاني:
الانتقال من نزعة التحكم بقوانين الطبيعة أو إلغائها إلى نظام العمل بها (تكنولوجيا الطبيعة النظيفة بدلا من تكنولوجيا المعلومات والآلة البخارية الرديئة).
الثالث:
الانتقال من نمط إنتاج الدولة المنفصل إلى نمط الإنتاج العالمي المتصل ( اقتصاد عالمي مشترك).
الرابع:
الانتقال من قانونية العمل مقابل الأجر والربح إلى قانونية العمل مقابل الحاجة.
الخامس:
تحول البيئة الطبيعية من متغير تابع لتكنولوجيا الآلة البخارية في ( تشكيلة فائض الاجريح) إلى متغير مستقل مع تكنولوجيا الأتمتة المعلوماتية والوراثية في تشكيلة فائض الحاجة المستقبلية. وهذه المرحلة فيها من المعادلات أو القوانين علاقات إنتاج الفائض الاجتماعي الثقافي (في تشكيلة الحاجة المستقبلية).
1. الملكية: مزيد من تقدم ملكية الحاجة الفردية والعائلية واتساعها، في مقابل مزيد من تراجع الأجر وطابع الملكية الفردية الرأسمالية الخاصة لقوى وأدوات الإنتاج وتقدم الطابع الاجتماعي والإنساني العام والمشترك لملكيتها (مؤسسات النظم السياسية والاقتصادية ما فوق أو ما بعد الدولة القومية).
2. السلطة: تحول سلطة أيديولوجيا القوة السياسية من متغير مستقل فوق العلم والتكنولوجيا في (تشكيلة فائض الأجر والربح) الحالية، إلى متغير تابع لسلطة أيديولوجيا العلم والمعرفة المتطورة (في تشكيلة فائض الحاجة المستقبلية).
3. الحقوق والواجبات (مسئوليات بشرية مشتركة وحقوق اجتماعية وإنسانية متساوية).
4. ما بعد تشكيلة الحاجة المستقبلية: استمرار التناقض الاجتماعي كحتمية جدلية لاستمرار التناقض والتجدد الطبيعي والموضوعي إلى ما لا نهاية.
الخاتمة: من المشاعية إلى العالمية وليس العولمة.
خامساً: نظرية الحلقة الضعيفة في جدلية التطور:
أولاً: الآراء الشائعة حول الموضوع.
ثانياً: الحلقة الضعيفة هي منطلق البدايات.
ثالثاً: العلاقة الجدلية بين الحلقة الضعيفة والحلقة القوية أو البسيطة والمركبة.
رابعاً: الحلقة الضعيفة كبداية والحلقة القوية كسبب وغاية.
وتشكيلة الحاجة المستقبلية لها من الشروط الأساسية اللازمة خمسة تبدأ بإقرار احتكام الأيديولوجيا بدلاً من تحكمها فيه.
سابعا
استنتاجات عامة

استخدام البعد الثقافي كأساس في عملية التحول الاجتماعي الاقتصادي، والتعامل معه كبعد أساس في الفائض الاجتماعي الاقتصادي. ما يدل على وجود أبعاد عدة كمكون أساسي في النظرية وهو تأكيد على صحة البناء النظري لنظرية الفائض.
*الاستدلال العقلي والمعرفي للفهم النظري .. وهو ما يتطلب من أسس داعمة لفهم نظرية الفائض من قبل المطلع، فمن الضروري أن يتمتع القارئ لمعارف عامة متنوعة واستيعاب تاريخي لحركة التاريخ الاجتماعي وتنوعه، مع إدراك لجدلية الحراك الاجتماعي التاريخي عبر مختلف مراحل التاريخ بأبعاده المختلفة "التاريخ الاجتماعي، التاريخ الاقتصادي، التاريخ الثقافي، ... الخ" ليس لمجتمع بعينه وإنما عبر تاريخ الإنسان على الأرض، وتفاعله معها كاشتراط أساس وبناء للفهم والاستيعاب لنظرية الفائض ومكوناتها المختلفة.
• من القضايا الجديدة في نظرية الفائض أنها لم تقم على أسس بنائبة جديدة أو مراحل تاريخية متسلسلة تقوم وفق تاريخ زمني محدد وتنتهي عند تاريخ زمني محدد أيضا، وإنما اقترح قوانين محددة هذه القوانين تحكم علاقات الفائض، ويستدل منها على نوعية التشكيلة السائدة. ويقابل تلك القوانين مجموعة من المعادلات التفسيرية لفهم الواقع بأنماطه التشكيلية المختلفة.
• فاقتراح القوانين أكثر مصداقية تفسر عملية التطور الاجتماعي من المراحل النظرية التي تنتهي وتبدأ بتاريخ أو بحدث قد يكون وهميا في الصياغة النظرية.
وان كانت بعض من هذه القوانين غير ذات اتساق مع المرحلة أو التشكيلة التي يفسرها, كالقانون السادس من القوانين الأساسية العامة للوجود وللتطور الاجتماعي الخاص بتشكيلة الفائض الطبيعي فاتساع المرحلة ببعدها التاريخي الواسع يتناسق مع مصداقية التفسير ووضوح البناء العام لهذه النظرية, وان كنا نأمل إعادة النظر فيه.
ونفس الأمر أيضاً في الفقرة (خامساً) من الفصل السادس (ما هو خاص, قوانين إنتاج وعلاقات إنتاج تشكيلة فائض (القريع) تحت مسمى (جدلية العلاقة بين أنواع الفائض الاجتماعي الثقافي وأنواع الفائض الاجتماعي الاقتصادي) فوفقا للصيغ القانونية التي تقوم عليها النظرية لا نجد توافقا بينها وبين بقية القوانين الأخرى الواردة فـي البحث، وان كنا نجد ذلك أقرب الى ما يمكن أن نراه بالشروح والتفسيرات العامة أقرب منها الى القانون على الأقل من حيث الصياغة للقواعد القانونية الأخرى.
* للنظرية استخدامات جديدة لمفاهيم تكاد تكون مستعارة بصورة دقيقة لها ولأول مرة تستخدم ضمن في مفاهيم علم الاجتماع النظري .... القوت ..... الريع ....... الأجر ....... الربح ..... الحاجة المستقبلية.
* وان كانت الشروط الأساسية لأي نظرية جديدة الاستخدام المفاهيم المتفردة عن بقية النظريات الأخرى السابقة وهو ما تفاعل معه صاحب النظرية باقتدار وبصورة منفردة أي إن كل مفهوم من المفاهيم المستخدمة لها دلاله تفسيرية وغير قابلة للخلط مع المفاهيم الأخرى ..... حتى إن بداية استخدام المفهوم حدد بالصفحة بدقة متناهية يدل دلالة واضحة على الهدف من الاستخدام يوضح الهدف التفسيري للسياق البنائي للنظرية .
فالقوت والريع يستخدمان ابتداء من صفحة 24 والذي ركب منهما مفهوما مركبا عرف بـ (القريع) وكذا الأجر والربح يبدأ استخدامها ابتداء من صفحة 89 ومنهما ركب مفهوما مركبا عرفه (بالأجر والربح) وكأن به يقول أن الأجر لا وجود له "بح" أو تبخر لدى الأخر وصار مع صاحب الربح, وبنفس الأسلوب يبدأ استخدام مفهوم فائض الحاجة ابتداء من صفحة 128 من بحثه, مما يعني توفر الدقة في الاستخدام ألمفاهيمي لدى صاحب النظرية بصورة صائبة ومبتعداً عن أخطاء البعض من أصحاب النظريات الكبرى السابقين في اللفظ ألمفاهيمي أي التداخل في الاستخدام أو عدم الوضوح لديهم لعملية الاستخدام.
وان كنت لا اتفق معه في التركيب ألمفاهيمي التي عمد على استخدام كون جمال اللغة العربية بمعانيها الدالة بصورة قاطعة على مدلولها في الاستخدام فجمال مفهوم (القوت والريع) كما هو وليس كما يركب منهما مفهوم جديد (القريع) وكذا الحال بالنسبة للأجر والربح وليس لمركبيهما (الاجربح) فالمعنى المتطابق مع الاستخدام أكثر وضوحا وذو دلالة متطابقة من التركيب الذي لا يشكل إضافة اصطلاحيه أو لغوية. بينما (أجر الربح، أو ربح الأجر) لها دلالة اصطلاحية ولغوية وغير مسبوقة، ويمكن أن تشكل إضافة استقرائية لمفهوم جديد مركب من مفهومين هما (الأجر والربح) ولكل منهما معناه الخاص.
فالاشتقاق وان كان مطلوبا غير معيب باللغة الانجليزية وغيرها فإنه غير ذلك في اللغة العربية سيما في المفاهيم الأنفة الذكر.
• ومن الشروط الأساسية لأي رؤية نظرية متكاملة اهتمامها بالماضي أو البعد التاريخي للظاهرة بهدف تكوين أساس موضوعي للبناء للنظرية، وقد لا أجدد حرجاً إن أشرت إلى أن نظرية الفائض في مكونها العام, أجد ثلاث نظريات منفصلة عن بعضها البعض فالأولى تفسر جدلية تطور الماضي، والثانية تفسر جدلية الحاضر، أما الثالثة فإنها تتنباء فـي جدلية التطور المستقبلي لشعوب الأرض، لكنها فـي ذات الوقت ليست منفصلة عن بعضها البعض بل إن فيها من الإتصال والاستمرارية ما يجعلنا نشير الى أن اتصالها أيضا لا يعني الإتصال البنائي لها، وإنما المتمفصل بحلقاتها المتتالية بين كل منها.
• ويبدأ بوضوح الربط بين كل من المكان ومقدار ونوعية الفائض، وجدلية التطور الاجتماعية والتغير بالقوانين العامة التي تسود فـي كل تشكيلة اجتماعية، وأيا كانت (اجتماعية اجتماعية، أو اجتماعية اقتصادية، أو اجتماعية ثقافية).
• غير أني أجد تداخلا بين كل من (ما هو خاص وعام ـ خصوصية، وعمومية ـ فـي كل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي)، فـي البعض من قوانينها، وفي اعتقادي لو أنها عرفت فـي النظرية باسم معادلات تفسيرية لقوانين كل مرحلة فربما كان ذلك أفضل!!. وان كان يقصد بالقانون العام ... تطبيق القانون على أي مكان فـي الكون ولا يمكن استثنائه مطلقا من قبل أي مجتمع من المجتمعات، عكس الخاص الذي ينطبق على المكان ذاته كنطاق جغرافي محدد لا سواه.
• تبنت النظرية مفاهيم لنظريات كبرى سابقة تفسر عملية التطور الاجتماعي مثل الفائض .... والتشكيلة الاجتماعية .. الخ. وهو من المفاهيم الأساسية فـي نظرية نمط الإنتاج الأسيوي، بالإضافة الى استخدام المنهج الجدلي كمنطلق عام وخاص فـي ذات الوقت فـي تفسير عملية التطور الاجتماعي وهذه من بديهيات التكامل العلمي والمعرفي بين مختلف العلماء, الهدف منها الشراكة فـي المعرفة، والخصوصية فـي التفكير.

ختاما ... قد تكون سعادتي لا توصف وأنا أتطرق لما قدمه أستاذ جليل فـي علم الاجتماع، كان أستاذا لي وصار أستاذا وزميلا، قدم انجازا علميا مهما لم يتوصل إليه أحد من قبله فـي تاريخ علم الاجتماع، إلا أن سعادتي ستكون أكثر لو أن جامعة كجامعة صنعاء استكملت الشروط الأكاديمية لها والتي لا يجهلها أيا منا مطلقا والمتمثلة فـي ثلاثة مهام أساسية .... هي ... الدور التعليمي والتربوي، والدور البحثي والعلمي، وخدمة المجتمع، وهي المهام التي لا تكترث بها جامعة صنعاء وجامعاتنا اليمنية عدى المهمة الأولى وبصورة مشوهه لا تعكس أي إبداع حقيقي أو فائدة مرجوة. فلو أن جامعة صنعاء الذي ينتمي إليها الأستاذ الدكتور حمود العودي تنظر الى البحث العلمي بمنظار أخر غير إصدار شهادتي الماجستير والدكتوراة لكانت هي من يفخر ويحتفي بهذا الإنجاز العظيم وصاحبه، فمثل هذا مفخرة وشرف كبير لهذه الجامعة التي تعجز إدارتها اليوم عن استيعاب هذا الموقف. وإلا لكنا الآن فـي رحابها، وهي فـي أبهاء حلتها تكتسي ثوب الفرح فـي هذا العرس المقدس، تزف ابناً باراً بها وبوطنه وأمته. لكن عزائنا الوحيد .. ان لله وإنا إليه راجعون .
والله الموفق ،،،
ع . م