الا يكفي هذا الانحدار لإنقاذ جامعة صنعاء؟!!!

الثلاثاء، 19 مارس 2013

لماذا الفيدرالية (الدولة الاتحادية)


لماذا الفيدرالية (الدولة الاتحادية)


أ.د/ عبد الله مُعـمـــر الحكيمي*

لقد جربنا المركزية والمركزية المستبدة والتشطير والوحدة الاندماجية, والنظام الملكي والجمهوري, والرئاسي, والمشترك (رئاسي, حكومي) والنظام الجماعي (مجلس الرئاسة) والعسكري ونظام الحزب الواحد. وكلها تجارب أدت إلى الفشل في إيجاد صيغة من العلاقة بين المواطن والدولة, هذا من ناحية ومن ناحية ثانية لم تؤد تلك التجارب إلى إيجاد دولة مؤسسات في القسم الشمالي من اليمن.
لقد أثبتت الدولة المركزية مؤخرا في اليمن فشلها الإداري والسياسي والتنموي ولم تتمكن خلال المائة السنة الماضية من تحقيق أي تقدم نحو الأمام. ففي المجال التنموي, اذ تعد اليمن مقبرة المساعدات ومن أفقر بلدان العالم التي لم تؤثر أو تظهر فيها أثر تلك المساعدات في الواقع, بحيث تحقق قفزة نوعية تتغير معها منظومة الفقر والتخلف والبطالة.
إننا نقف حاليا في مفترق طرق تماما ربما تكون أشد صعوبة من الفترة التي عاشتها اليمن بعد ثورة 1962 والصراع الملكي الجمهوري, تلك الفترة التي جعلت من بعض دول المنطقة والعالم تصفي حساباتها على الأرض اليمنية الأمر الذي جعلنا لا نتمكن من بناء دولة حقيقية وذات سيادة حتى الآن. في القسم الشمالي من اليمن, وان كان القسم الجنوبي قد خطاء خطوات لا بأس بها تجاه ذلك. لذا نحن مطالبون الآن بتبني صيغة جديدة من صيغ الحكم, يمكنها العمل على تحقيق المواطنة المتساوية للجميع.
وإذا كان الحوار الوطني أهم ما جاءت به المبادرة والآلية, فالحوار يعني تأسيس لدولة المستقبل, من ناحية, وثانيا: بداية لمرحلة جديدة من الوعي الجمعي للأجيال القادمة ما يتطلب منا العمل وفق هذه المسئولية. لاسيما واليمن تعيش حاليا حالة من الصراع والتغيير يصعب السيطرة عليها والتوقع المستقبلي لاتجاهاته, وتبني الفيدرالية سيكون الكابح الأكثر فاعلية لكل الاحتقانات في اليمن, كون الفيدرالية (الاتحادية) متعددة الأقاليم مخرجا مناسبا للمجتمعات المقهورة التي تعاني من الاستبداد, وتغيب فيها العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتعاني من الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار. و نشر الفساد والإفساد المنظم.
إن الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي جاءت بعد احتقان دام قرابة قرن من الشعور بالقهر والظلم والإقصاء الذي تجذر في الوعي الجمعي إلى اليوم, وجعلت من اليمن تقف أمام خيارين أو مفترق طرق, إما أن يتقسم الوطن إلى عدة دويلات بعد حرب أهلية أو أن يتمتع الجميع بحقوق المواطنة المتساوية من خلال الدولة المدنية الديمقراطية المتعددة الأقاليم, يتم فيها التوزيع العادل للثروة والسلطة والإدارة.
وهنا نؤكد على ان الفترات التي كانت الدولة في أوج قوتها كان نظام الأقاليم والاستقلال الإداري الذاتي هو النظام السائد باستثناء المئة سنة الأخيرة من التاريخ المعاصر (1918-2011 ) وهي الفترة التي تعد أسوأ الفترات التي امتهنت فيها إنسانية الإنسان اليمني وعممت فيها ثقافة الاستبداد والتسلط الجغرافي لمنطقة جغرافية من اليمن على بقية الأجزاء الجغرافية الاخرى في نوع من التثبت الديني والادعاء بالحق الإلهي أحيانا والجغرافي أحيانا اخرى وصل في بعض منه إلى حد الطائفية, والمناطقية الجغرافية للجزء مقابل الكل, الأمر الذي أوجد معه العديد من المناطق الجغرافية الممتهنة في الحق والواجب والثقافة (اللهجة والفنون والعادات والتقاليد) مقابل السعي لنشر ثقافة ولهجة وفن لمنطقة جغرافية صغيرة باعتبارها كل اليمن ولا تمثل ذلك الجزء الذي هي منه.
لقد ارتكبنا أخطاء عدة في سبيل تثبيت الدولة المركزية, وبأسلوب استبدادي محض, الأول: كان في محاولة الإمام يحيى بسط نفوذه على كامل التراب اليمني, ولكن وفق منظور الدولة المركزية المستبدة وليس الدولة الراعية والحافظة لمصالح الوطن وأبنائه, وبمبرر الفتح لاسيما مناطق اب وتعز والحديدة. ما جعل من بعض المناطق تنزع نحو رفض تلك العملية وتتجه نحو تأسيس إدارات ذاتية بعيدا عن سطوة المركز وسلطته ورفضا لمنظومة الاستبداد المركزي لدولة الإمام وذلك في الجزء الأكبر من الوطن, عرفت باسم المحميات والجنوب فيما بعد, وكان الخطأ الثاني بعد الوحدة اليمنية 1990م, والذي دخل فيها الناس بقلوب صافية ونية صادقة, وبمحاولة المركز فرض ثقافة وآلية الاستبداد المركزي والسيطرة المستبدة الممنهجة التي غيبت الاخر وأقصته, بل وأنكرت وجوده, وها نحن نعيش اليوم وضعا مأساويا من جراء تلك العقلية الفاسدة وان لم نتدارك ذلك فإننا سندخل مرحلة خطرة تهدد الوطن بأكمله جراء تلك المنظومة.
لكن الخطأ الثالث الفرعي الذي يحمل من الأهمية مزيدا من التوقيت المبشر بالانفجار المستقبلي فيما لو أننا تعاملنا مع الأمر وفق منظومة قيم الاستبداد, وإلغاء الاخر, وما حدث بعد ثورة 26 سبتمبر من استحواذ وسيطرة مقابل تهميش البعض الآخر من أبناء اليمن لأسباب جغرافية, ومنها فصل وقتل وسجن وتشريد وتهميش وإهمال كل القيادات التعزية والتهامية والبعض من أبناء المناطق الوسطى في الدولة وتفريغها وإهمالها تماما وحرمان أبناء تعز من القيادات العسكرية والأمنية, ومنعهم من الوحدات العسكرية وخاصة في أماكن القيادات والوحدات العسكرية الرئيسية. ومن وجد منهم في الأمن أو الجيش لا يكون بيدهم صلاحيات قيادية.
وقد بدءت تلك التصفيات لأبناء تعز وغيرهم من الجيش ابتداء من 1968م من قبل زملاء النضال من يدعون أنهم مدافعين عن الثورة وسلبهم حتى من تلك الأعمال الوطنية التي قدموها دفاعا عن الثورة والعاصمة صنعاء, وكرست المناطقية والمذهبية ضدهم وضد كل أبناء اليمن الأسفل والتهامي بصورة منهجية ولا تزال مستمرة إلى اليوم.
أما عدن فهذه المدينة التي ولج من خلالها اليمن للقرن العشرين بعالمه المتطور فما عانته من قهر واغتصاب لمدنيتها وسكونها حول أهلها من عقول نظيفة متمدنة ذات فكر إنساني مسالم إلى بؤر للإرهاب والتطرف جعل بعض شبابها يتحول إلى قنابل بشرية بعد الوحدة نتاج عن الممارسات الاستبدادية وعقلية الفيد والنهب وشرعنة ذلك بفتاوى أصدرها النظام إلى أبنائها ليعودوا بها إلى قرون غابرة إلى الخلف.
ولا يمكننا أن نغفل الحديث عن حضرموت ذات التاريخ الموغل في القدم والذي أنبأنا ان حضرموت وأهلها تعايشوا مع كل الأجناس من البشر وهم الذين حُكموا في بعض الأحيان من أسر وأفراد جاءوا من خارج حضرموت بينما أصبحوا اليوم لا يقبلون جيرانهم من المحافظات وهذا ناتج أيضا عن ثقافة الأنا وممارسة الإقصاء والإلغاء والفيد وعدم احترام القانون والتسلط الفردي والاستبدادي الذي نهب الثروة وإلغاء الإنسان.
ويمكن لتكرار مثل هذه الآلية ـ الاستبداد ـ أن تنتج حربا أهلية أكبر تؤدي إلى قيام دويلات جديدة على التراب اليمني. ما سيمثل لنا الخطأ القادم, والذي سيرافقه نوع أخر من رد الفعل, نوع جسد في بنية الوعي الثقافية حتى أصبح وعيا جمعيا لدى جميع أبناء الوطن اليمني... وهو الحق في المواطنة المتساوية للجميع وهو ما يتنافى كليا مع الدولة المركزية, حتى وان برر المروجون لها بتحقيق الدولة العادلة, والحداثة, ودولة القانون ... الخ, فالدولة المركزية دولة استبدادية لا تمنح حق المواطنة المتساوية لأفرادها مطلقا. بل على العكس تميل دوما إلى مصادرتها تحت مبررات عدة. بينما تحقيق العدل والحرية والحقوق والمواطنة والديمقراطية والوتيرة الأسرع في التنمية الاجتماعية والاقتصادية, ومحاربة الفساد. كلها لا تتحقق بغير الدولة الاتحادية الديمقراطية المتعددة الأقاليم. فجدلية المحيط والمركز تلعب أحيانا دورا في عملية تأخر بناء الدولة الحديثة في بعض المجتمعات ومنها اليمن .. فالمكون الجغرافي في جدلية المحيط والمركز يلعب دورا في فرض عملية الاستبداد والسيطرة .. فكلما كان المركز شديد في تماسكه النفعي يفرز مفاهيم للاستبداد ويزيدها عتوا ونفورا في فرض الوصايا على المحيط. وتقل تلك الوصايا عندما نقر بأن للآخر حق مثل مالنا من حق عندما نشعر أن الفئات الهامشية أو الأقليات داخل المجتمع لها من الأهمية في بناء الوطن مثل ما لغيرها من أبناء الوطن الواحد.
لقد كنا ولا نزال في وطن يتسع للجميع, لكن ثقافة الاستبداد والهيمنة والاستحواذ جعلت من هذا الوطن يضيق على الجميع حتى على دعاة تلك الثقافة. كونها لا تستجيب لتحقيق المواطنة المتساوية للجميع في إطار من الدولة الاتحادية لأسباب متعددة .. أهمها:
1-      من الضروري ان تكون الدولة المركزية قوية لدرجة الاستبداد, كونها بحاجة لقبضة قوية تفرض من المركز على المحيط أو الأطراف ضمانا للولاء وهو ما يتنافي مع المواطنة المتساوية لجميع أبناء الوطن.
2-      في الدولة المركزية يميل الحاكم إلى تعيين الولاءات بدلا من الكفاءات, ما يسلب المواطن مواطنته المتساوية مع الاخر ويفرض من يتسلط عليه لا من يديره ويحقق مصالحه. ما يجعل الطاعة واجبة عليه كرها لا حبا مما يؤدي إلى تفشي الظلم والشعور به.
3-      لكن من شروط المواطنة توفر قدرً واسع من الديمقراطية الحقيقية, وهو ما يتعارض مع الاستبداد, والدولة المركزية, وبالتالي تميل الدولة المركزية (بطبيعتها) إلى التقليل من مساحة الديمقراطية الممنوحة للمواطنين وفق رؤى تفرض ممن يحكم وأجندته.
4-      وفي دولة المواطنة تكون الكفاءات وفق معايير التنافس هي التي تحظى بالقبول والموافقة وفي الدولة المركزية يكون الولاء الشخصي والقرابة سائدين.
يعد المجتمع اليمني من المجتمعات اللامتجانسة على الصعيد التنموي, وعلى المستوى الصحي, وبنسب متفاوتة من منطقة إلى اخرى. اذ يوجد تمايز في مستوى التعليم بين المحافظات المختلفة حاليا, فكلما زادت نسبة التعليم في المحافظة كلما قلت نسبة الأمية بها. كما يوجد تفاوت بين المحافظات المختلفة في المستوى الثقافي والولوج نحو المدنية, فالمجتمع اليمني المعاصر مجتمع غير متجانس في:
-          التعليم
-          التحضر والمدنية
-          احترام القانون
-          سيادة العرف
-          تحكم القبيلة في الأفراد (شدة تماسك البناء القبلي).
وكلها عوامل متدخلة ومؤثرة في الاستجابة للتنمية الاجتماعيبة والاقتصادية الأمر الذي ينعكس في وجود تفاوت ثقافي مدني بين كل منطقة واخرى, ودرجة الاستجابة لعمليات التطور الاجتماعي, ما ينعكس على بنية المجتمع والتي تبدو مزدوجة الأنماط والثقافة ما بين التقليدية والحداثة ومنها ما هو بين الاثنين أي لا تزال في حالة من التخلق والتبلور ولم تنضج معالمها بعد.
ما يجعل النظام المركزي اشد خطورة على وحدة وسلامة اليمن فالتفاوت الواضح في كل من مستوى التعليم, والزيادة السكانية المتسارعة في اليمن, وعدم القدرة على إيجاد وتيرة متسارعة في التنمية الاجتماعية الاقتصادية, وتنامي وتيرة وأساليب الفساد, أمام شحه الموارد ستجعل اليمن تعاني من مشكلات عدة مستقبلا اشد تعقيدا, ومنها الشعور بالظلم, وعدم المواطنة المتساوية. ما يمكن ان يؤدي إلى حروب أهلية لا ولن يتأتى حلها إلا بانتصار إرادة الفيدرالية, حتى لا تتحمل الدولة المركزية عبء ذلك كله مستقبلا, ويفتت الوطن.
فعدن ـ مثلاـ نجد لديها ارتفاعا في درجة المدنية والتحضر, وتأتي بعدها تعز وحصرموت والحديدة .... الخ مقابل مناطق اخرى تنخفض بها, وهذا يجعل أي نظام مركزي قائم عائقا أمام تطور المجتمع المعتمد على المنافسة بين الأقاليم, وليس المقدم من الدولة المركزية القائمة حاليا المعتمدة على القوى التقليدية في الحكم مقابل تهميش واستبعاد بقية القوى, التي لم تحقق شيئا حتى الآن ما يتطلب منا البحث عن آلية جديدة, نعتقد توفرها في المنافسة بين الأقاليم المختلفة تتمثل في النظام الاتحادي
إن نظام الأقاليم الفيدرالية بالدولة الاتحادية يمكنه ان يوجد التنافس بين الأقاليم وبعضها بالاعتماد على التقسيم إلى أقاليم اتحادية مستقلة إداريا, في ظل الوحدة العامة للوطن اليمني (دولة مدنية ديمقراطية اتحادية) هي الأنسب والأقرب إلى الحل الواقعي الذي يؤدي إلى يمن قوي ومستقر وديمقراطي موحد يجد المواطن اليمني فيه هويته من خلال الاعتراف بالآخر والتنوع الثقافي والتعددية السياسية والمساواة والمشاركة المجتمعية الحقيقية والفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ونرى انه السبيل الوحيد لرفع درجة التنمية الاجتماعية والنهوض بالمجتمع وفق المعايير التنافسية التالية:
            1- الأقاليم التي لديها درجة النمو والتطور مرتفع ستسعى إلى تنظيم نفسها أكثر والرفع من شأنها, بينما الأقاليم التي تعاني من تدني مستوى النمو لديها ستحاول العمل بوتيرة عالية لتلحق بمن سبقها من الأقاليم.
2- سنعمل من خلال ذلك على تنمية الشعور بالذات لدى أفراد تلك الأقاليم التي تعاني من تدني درجة النمو والاعتزاز بقدراتهم عندما يسهمون في تطوير وتنمية أقاليمهم, أي ان الشراكة المجتمعية ستكون بدرجة اكبر. ما سيحقق لها فرصا أكثر ونموا أسرع, يتطلب تحقيق شراكة مجتمعية بالسماح للجميع بإدارة شؤونهم.
3- في حال الدولة المركزية نجد الفشل في عملية التنمية يتحمل مسئوليته الاخر, وهنا تتحول الدولة إلى شماعة تعلق عليها الأخطاء.
أما الأقاليم الاتحادية فان الفشل يعود على طبيعة وشكل الشراكة المجتمعية في الإقليم, اى إن الإقليم هو من يتحمل مسئولية الفشل كونه المسئول عن النجاح أيضا, ما سيمكنها من العمل بوتيرة عالية لتحقيق ذاتها ومنافسة الأقاليم الاخرى.
4- في الدولة الاتحادية توزع جميع السلطات بين مختلف مؤسسات الدولة, مما يقلل من فرص الاستحواذ والهيمنة من قبل الفرد أو الجماعة أو المنطقة الجغرافية ضد الاخر.
5- الدولة الاتحادية تقلل من تكدس السكان في العاصمة أو في مدينة واحدة على حساب المدن الاخرى, ما يوجد توازنا مناسبا في الهجرة من الريف إلى المدن.
6ـ ان الفيدرالية تؤدي إلى الشفافية من خلال فتح الحكومة الاتحادية (حكومة المركز) سجلاتها وأوراقها بشفافية ووضوح أمام كافة حكومات الأقاليم المحلية, وهذا ما يعزز من الحكم الرشيد, من خلال العلاقة المتبادلة بينهما.
7- الفيدرالية تعزز المشاركة المجتمعية، في التنمية بكل أنواعها من خلال توسع قاعدة المشاركين في صنع القرارات وتطبيقها بدلا من الاعتماد على المركز الذي يتأثر بمحيطة الجغرافي والمجتمعي المحدود (نخبة السلطة) وبقاء الأطراف البعيدة دون فاعلية ومشاركة.
8- ستؤدي إلى التوزيع العادل للثروة من خلال التعامل الندي بين الأقاليم وبعضها البعض وبين المركز بما يحقق العدالة الاجتماعية للجميع بدلا من الاستئثار الجهوى أو الأسري بالسلطة والثروة.
9- ستؤدي إلى المشاركة العادلة في توزيع الوظائف العامة والمناصب في الدولة الاتحادية ضمن معايير دستورية وقانونية تحفظ للجميع حقهم الوظيفي في كل مفاصل الدولة.
10ـ تعد الفيدرالية الضامن الوحيد لدولة مدنية ديمقراطية حديثة, ضد أي انقلاب مستقبلي عليها من أي قوى (فردية أو جماعية) بالعودة إلى دولة الاستبداد, أو المركزية التي أثبتت فشلها في اليمن منذ 1918م. كما أنها الضامن لعدم الانفراد بالسلطة ورعاية الاستبداد.
11ـ الفيدرالية (الدولة الاتحادية)أسلوب إداري حديث اثبت نجاحه في أكثر من 100 دولة في العالم, وهي ليست موجهه ضد أحد بقدر نجاحها في تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية لجميع أبناء الوطن, وستساعد في رفع الظلم الواقع على الغالبية الساحقة من أبناء اليمن, والدين لا يحرم ولا يجرم استخدام الإدارة الحديثة في بناء الوطن ولهذا لا تتفق مع مصالح قوى الفساد والاستبداد.
12ـ إن نظام الدولة متعددة الأقاليم (الفيدرالية) ليس نظاما جديدا على اليمن, فقد عُرفت اليمن عبر تاريخها الحضاري والسياسي, والاجتماعي, والاقتصادي, والثقافي قبل الإسلام وبعده وحتى العام 1918م بنظام الدولة المتعددة الأقاليم (المخاليف).
13ـ في الدولة الاتحادية ترتفع مكانة المرأة وتسمو حقوق الإنسان وحريته وكرامته. لاسيما واننا نتجه إلى ان يتمتع اليمني بحقه في المواطنة بانتمائه لليمن فقط, وليس لولائه لمذهب أو منطقة أو حزب أو قبيلة.
14- الدولة المدنية تضمن حقوق الأقليات وتضمن لها مواطنة متساوية مع الأغلبية بحق الانتماء إلى الوطن اليمني فهو المعيار في التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات وأساس في المواطنة وليس الغلبة العددية أو الجغرافية المناطقية أو القبلية أو المذهبية الدينية أو القرب والبعد من السلطة وجماعة النفوذ ففي الدولة المدنية تنتهي كل الامتيازات وتصبح الحقوق مكتسبة بالانتماء إلى الوطن.
15- الدولة المدنية لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني، والمجتمع هو صاحب الحق في اختيار من يمثله في مجلس النواب. وتعد الفيدرالية (الاتحادية) متعددة الأقاليم ضمان لاستمرار الدولة المدنية الديمقراطية فالحاكم لا يستطيع النكوث والعودة عن الفيدرالية بدون موافقة جميع الأقاليم الاتحادية ما يمثل صمام أمان عكس النظام المحلي والواسع الصلاحيات الذي تحدد صفاته بموجب القانون الذي يصدره الحاكم ويمكنه الرجوع عنه في أي لحظة.
16-  تعد الفيدرالية انتصارا لإرادة وتطلعات الشباب اليمني الذي اُسترخص دمه وحياته وسلامة بدنه من أجل إحداث نقلة نوعية ليس في شكل الدولة وإداراتها فحسب, وإنما في فكرها الذي يجعلها أداة الحضارة العصرية من حيث المواطنة المتساوية والعدالة والتنمية بعد أن كانت أداة للاستبداد والتخلف والقهر الاجتماعي. ويعاد إنتاجه بصورة منهجية, وهي ضمان لا يمكن ان تصبح فعلا من الماضي وإنما ستبقى فعلاً ثورياً ممتد وخلاق من اجل ديمومة الراية المنتصرة للدولة المدنية ذات الأقاليم والتي من شأنها ان تعيد للوطن والمواطن اعتبارهما.
                                                                                                                           * رئيس تكتل يمن فيدرالي
                                                                                                                                  أستاذ علم الاجتماع / جامعة صنعاء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق