مشروع:
الدولة المدنيـــــة ... والمواطنة المتساوية
د/ عبد الله مُعـمَّــر
أستاذ علم الاجتماع
كلية الآداب جامعة صنعاء
رئيس مركز منار للدراسات الاجتماعية
وحقوق الإنسان
ساحة التغيير ـ صنعاء
تمهــــيد:
إن من أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية
التي تشهدها الساحة اليمنية, بناء الدولة المدنية, وهي جزءٌ لا يتجزءَ من مجموعة
أهداف يتمسك بها شباب الثورة اليمنية في ساحات التغيير والحرية, والتي حافظت
وتحافظ على سلمية الثورة في إسقاط النظام, والمساهمة في بناء الدولة اليمنية المدنية
الحديثة.
وتتبنى في ذات الوقت الأسس العلمية في هيكلة
الدولة المدنية المستقبلية بما تحقق الحقوق المتساوية لكافة أبناء الوطن اليمني. الذي
تنتفى فيه سيطرة الجماعات والأفراد والحزب الواحد, وكذا الأجهزة الأمنية في منح حقوق
المواطنة وصكوك الغفران لأي فرد من أفراد المجتمع اليمني.
لقد مرت اليمن بحالة من عدم الاستقرار
والصراع الداخلي بين السلطة والمواطن, منذ خروج الأتراك من اليمن, فالسلطة على مر
هذه الفترة تميل إلى ممارسة الاستبداد والتفرد بالسلطة والمال, بتركيزها بيد
الحاكم الفرد أو الجماعة الحاكمة, بينما المواطن ظل يرفض سلطة الاستبداد والطغيان
ويطالب بحق المواطنة المتساوية بين جميع أفراد المجتمع بكل فئاته وشرائحه
المختلفة.
فعلى
مدى قرن كامل من الزمن ظل اليمنيون يلهثون وراء إقامة مشروع مدني يمنح الجميع حقوقا
متكافئة ويعمل على تأسيس دولة حديثة في الجزء الشمالي والجنوبي على حد سواء.
وترجع
المطالبات الأولى في الجزء الشمالي منه إلى عهد الاستقلال عن الدولة التركية وتسلم
الإمام يحيى لمقاليد الحكم, وترجع المحاولات الأولى إلى المطالبات التي قام بها
الشيخ عبد الوهاب نعمان من الإمام بصرف عائدات اللواء التعزي على متطلبات الخدمات
والمشاريع التنموية في لواء تعز.
ثم
تأتي المرحلة الثانية بتلك المراسلات التي قام بها الشيخ عبد الله على الحكيمي,
للإمام يحيى ومن بعده الإمام احمد والممتدة منذ العام 1938م, وحتى العام 1953م, تحت
مبرر النصيحة الواجبة, ومطالبه المتكررة لهما بإقامة ما يعرف بالملكية الدستورية,
أو نظام حكم ملك يملك ولا يحكم, وإقامة انتخابات برلمانية حرة وديمقراطية من
خلالها تنقل صلاحيات الحكم للبرلمان والحكومة.
وضمن
هذا الإطار استمرت مراسلات ونداءات مجموعة من الأحرار المتواجدين في المحمية
البريطانية عدن خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي, والمتضمنة إيجاد شكل أوضح
للعلاقة بين المواطن والسلطة وتحديد صلاحيات الإمام بالجوانب الروحية والإشرافية
وترك شئون الإدارة والحكم لعامة أفراد الشعب.
لكن
كل هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح في الواقع فالنخب المثقفة في الثلاثينيات
وحتى نهاية الخمسينيات كانت تصطدم في أطروحاتها بعقلية الفقيه وإمام المسجد لا
السياسي, لحكام اليمن في تلك الفترة (1918-1962م) والذين لم يعملوا على بناء دولة
فقط بل ودمروا كل ما كان قد ورثه من بنية تحتية وأسس في أولية بناء دولة حديثة من
الأتراك, كانوا قد عملوا عليها خلال الأيام الأخيرة لحكمهم لليمن, وثانيا: اصطدام
النخب الثقافية في تلك الفترة بالجهل والأمية السائدة في صفوف الشعب اليمني بفعل
السياسة المتعمدة في هذا الإطار ما مثل عائقا شديد الصلابة أمام تلك الرؤى
والأفكار التي تبنتها تلك النخب في تلك الفترة, ومثلت حالة من الفهم والطموح
المتقدم لم يستطع الشعب والحاكم معا من فهمه والتعامل معه بايجابية كافية, وثالثا:
نجد في انعدام البنية التحتية التي تقوم عليها أية دولة حديثة من العوائق الكبيرة
التي وقفت ضد تسيير ونجاح مثل هذه الأفكار والرؤى.
وإن
كان الأمر مختلفا بالنسبة لستينيات القرن الماضي فالأهداف التي أوجد فيها شباب
ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م آنموذجا متقدما يحقق من خلالها اليمنيون طموحاتهم في
إيجاد علاقة متوازنة بين الحاكم والمحكوم سرعان ما عمل استمرار الصراع لتثبيت
النظام الجمهوري على تبديدها وتبديد كل تلك الطموحات البناءة وكان لجهودهم في
الدفاع عن النظام الجمهوري متسعا من الجهد على حساب تحقيق الأهداف في الواقع,
والتي جاء بمشروع وطني يحقق بناء الدولة اليمنية وعلاقة أمثل بين المواطن والدولة
من خلال النموذج الذي دعت إليه بأهدافها الستة التي فيما لو تحققت لأوجدت لنا
نموذجا أفضل من العلاقة بين المواطن والسلطة.
أما
في الجزء الجنوبي من اليمن فقد كان للإستعمار دورٌ في عرقلة نشوء الدولة الحديثة
على المساحة الجغرافية بل شجع بطرق مباشرة وغير مباشرة على تفتيت تلك المساحة
الجغرافية للجنوب إلى أكثر من 22 سلطنة ومشيخة, وهو الأمر الذي جعل من قيام دولة
حديثة أمراً غاية في الصعوبة إذا استثنينا مدينة عدن وهي الجزء الجغرافي الذي كان
يهم الاستعمار من جنوب اليمن. أما بقية المساحة الجغرافية للجنوب فقد تركت في حالة
من الانقسام على مدى فترة الاستعمار.
غير
أن ثورة 14 أكتوبر والحصول على الاستقلال 1967م جعل من توحيد تلك السلطنات
والمشيخيات في دولة واحدة جعل منها خطوة أولى في طريق بناء الدولة الحديثة, تمكنوا
من خلالها من فرض الدولة وهيبتها على كامل المساحة في الجنوب لتقي تلك العملية توحيد
الجنوب وحمايته من مخاطر الانهيار والعودة إلى التشخيص من جديد لتفرض هيبة الدولة
الواحدة, وسلطة القانون على كامل التراب الجنوبي.
غير
أن الفعل الناجم عن حركة المجتمع الوحدوية بعد 1990م, لم يجعل من الحلم المرسوم في
الذهن آنموذجا في الواقع, بل جسد استبداد الفرد في السلطة. والاستحواذ على السلطة
والثروة وإقصاء الآخر والتهميش في إطار جغرافي ضد آخر.
ووفق
ذلك تحول الصراع بعد اتفاقية الوحدة من صراع بين السلطة والمواطن الذي كان سائدا
في الفترة الماضية إلى صراع بين أطراف النخب الحاكمة ذاتها, أو لنقل بين طرفي
أصحاب المصالح من النخبة الحاكمة بين الفئة الاستبدادية المتسلطة في الحكم والتي
تنزع نحو الاستئثار بالسلطة وتبعاتها وإقصاء الاخر (نخب الشمال) والفئة الساعية
لإرساء مؤسسات دولة. وفرض هيبة الدولة وسيادة القانون (نخب الجنوب), الأمر الذي لم
يقبل من قبل مجموعة من أفراد النخبة الحاكمة المستمرئة في عمليات الاستبداد (الشمالية)
خلال المرحلة السابقة لتسقط هذا المشروع الهادف لتحقيق جزءٍ يسير من حقوق المواطنة
المتساوية أمام سيطرة سلطة الاستبداد والتسلط في علاقتها بالمواطن في حرب 1994م.
ومن ثم عاد الصراع مرة اخرى إلى قالبه السابق
(بين السلطة والمواطن) يشتد أحيانا ويخفت أحيانا اخرى في تناسب مع رفض السلطة الاستجابة
لهذه المطالب كامتداد للرفض السلطوي السابق على مدى الفترة التاريخية للصراع. ونلخص
الأهداف والرؤى لمجمل قضايا الدولة المدنية المنشودة, بالآتي:
ماهية الدولة المدنية:
يشار إلى أن الدولة تضمن "سلامة الشعب
وهي السنّة العليا، ومبدأ عادل أساسي لا يضِّل مَن أخذ به بأمانة قط". ويجب أن
تهدف "القوانين إلى غرض واحد، هو خير الشعب ... ولا يحق للسلطة التشريعية ولا
ينبغي لها أن تُسَلم صلاحية وضع القوانين لأية هيئة أخرى أو تضعها في غير الموضع الذي
وضعها الشعب فيه قط".
من هذا المنطلق تكون مهمة الدولة المدنية
الديمقراطية الدستورية المحافظة على كل أفراد المجتمع بغض النظر عن القومية والدين
والسلالة والجنس والفكر. فهي تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين باعتبارها دولةَ مواطنة
متساوية، تقوم على قاعدة ديمقراطية هي المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات,
وعليه فالمواطنون لهم حقوق يتمتعون بها، مقابل واجباتٍ رديفة. وهذه المواطنة المتساوية
لصيقةٌ كليا بالدولة المدنية، فلا دولة مدنية بدون مواطنة متساوية، ولا مواطنة متساوية
بدون دولة مدنية. وعليه فالمواطنة لا تتحقق إلا في دولة مدنية ديمقراطية تعددية دستورية
تصون كرامة المواطن وقناعاته في ممارسة معتقداته وأفكاره بالشكل الذي يؤمن بها في إطار
الدستور الذي أقره الشعب. وهذا الدستور يحترم كافة حقوق المواطنين وبشكل يوفر لهم العيش
الكريم. فإذا لمس المواطن هذه المساواة في الحقوق التي يضمنها الدستور، فذلك يعني انعدام
التمييز بين المواطنين لأي سبب كان, صغيرا أو كبيرا أو لجنسه (ذكورا أو إناثا) أو لمركز
اجتماعي أغنياء أو فقراء، أو لدورهم السياسي رؤساء أو مرؤوسين، أو لفكرهم يساريًّا
أو يمينيًّا، أو منتمٍ لعقيدة أو مذهب ما.
إن أردنا حقا بناء
دولة مدنية ديمقراطية فعلينا التعامل مع كل القضايا الوطنية التي تهدد الوطن
والسلم الاجتماعي, بشفافية. فالاعتراف بوجود قضية جنوبية وقضية في صعده أمرٌ غير
كافٍ في معالجة الوضع الداخلي, بل سيكون بمثابة ترميم للتصدع في نسيجنا الاجتماعي
فقط, وهو مر غير كافٍ إن أردنا فعلا تحقيق المواطنة المتساوية من الضروري الاعتراف
أولا بوجود قضية وطن بأكمله, فقضية صعده, والجنوب, تساوي قضية تعز المنسية
والمتجاهلة منذ 1918م, وتهامة, والصحراء (مأرب والجوف, والمهرة, وشبوة) وحضرموت
... الخ هي قضايا مواطنة متساوية, قضية أو قضايا حقوق وواجبات, قضية انتماء ليمن
واحد يتساوى فيه كل أبناء الوطن الواحد. مع الاعتراف بأن للقضية الجنوبية خصوصية
خاصة.
وعدم فتح هذه الملفات
في مؤتمر الحوار الوطني تعني تجاهل صارخ وفاضح أيضا لمطالب المجتمع في تجاهل قضية
وطن ومواطنة كما تجاهلها السابقون على مدى قرن من الزمن. وبالتالي سنرحِّلُ حقوق
الغير إلى أجل آخر, قد تتحقق برفع شعارات جديدة تؤسس لبناء دول على مستوى
المحافظات اليمنية المختلفة, أو حتى يرفع السلاح من قبلها في وجه الدولة, عندها
سنقول لدينا قضية في تعز أو تهامة أو حضرموت أو غيرها.
عــــلاقــــة المواطن بالدولة:
مما تقدم نجد أن أسس الدولة المدنية, يتلخص في مبدأ تساوي جميع أبناء
الوطن في الحقوق والواجبات, بموجب الدستور والقانون وتلك هي أساس بناء المؤسسات في
الدولة المدنية الديمقراطية، وأساس هذه العلاقة هي ممارسة الحقوق والواجبات بحرية،
وحماية مصالح المواطنين التي تعتبر نواة مصالح المجتمع والدولة. فبدون حرية لا يمكن
صيانة حقوق المواطنين، وبدون حرية لا يمكن للمواطنين القيام بواجباتهم تجاه الدولة.
فالتفاهم والاحترام يؤديان إلى الالتزام.
ويضمن الدستور المواطنة المتساوية في الدولة
المدنية، لحماية هذه المواطنة ومتطلباتها وتفعيلها في الممارسة العملية وليس مجرد قاعدة
قانونية. فديمومة المواطنة والمشاعر الوطنية المخلصة تجاه الدولة تتعمق في ديمومة الدولة
المدنية ليس فقط في الحرية السياسية وإنما في الديمقراطية، لأن المواطنة لا تتحقق في
الدولة الدكتاتورية أو الدولة الاستبدادية أو الدولة التي قاعدتها القمع بدلا من المواطنة،
حتى وإن وُجِدت الحرية السياسية، طالما أن تلك الحرية تنسف المواطنة وتُلغي دور المواطن
في بناء المؤسسات الديمقراطية المدنية كما هو الحال في اليمن.
فالدولة المدنية مستقبلا بمرجعية
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, هي الضمان الحقيقي للمواطنة المتساوية لعموم
الأفراد في الحقوق والواجبات دون انتقاص تحت طائلة التبريرات الواهية.
آمال مستقبلية لثورتنا السلمية:
الدولة المدنية الدستورية لا تكون إلاّ
في الأجواء الديمقراطية الليبرالية والحرية. فهي ليست تعبيرا عن إرادة وراثية أو عشائرية
أو سلطوية فردية أو حزبية أو مذهبية، إنما تعبير عن إرادة الشعب صانع الدستور. وما
السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية إلاّ تعبيرٌ عن إرادة الشعب وممثلا عن صوته.
فالدولة المدنية الديمقراطية الدستورية عملية ديناميكية تحمي حقوق مواطنيها وتمنحهم
الحريات العامة فردية وجماعية بعيدة عن حالة الطوارئ والشخصية الأسطورية, أو الحزب
الأوحد أو الفئة أو الجماعة المسيطرة. وتنظم الحياة طبقا للدستور الذي يقره الشعب ليعبر
عن شخصيته وكرامته.
وفي ذات الوقت نجد أن فرض سلطة القانون
في تحقيق الدولة المدنية غاية في الأهمية بل السياج الواقي من أي انحراف, على أن يبدأ
تدخله من محاسبة رموز النظام الحالي وكافة كياناته ممن ارتكبوا جرائم في حق الشعب اليمني.
وفق محاكمات شفافة وعادلة تسعى إلى الوصول إلى الحق وليس الانتقام.
في المرحلة الانتقالية التي من الضروري فيها أن يتجه الجميع بكل
طاقاتهم إلى صياغة دستور جديد يضمن إقامة دولة مدنية بشكل دائم وثابت, يضمن فيه
الجميع عدم النكوص والعودة مرة ثانية إلى دائرة الظلم والاستبداد والتفرد بالسلطة
والثروة.
أما القضية الثانية التي على الجميع
الانشغال بها خلال الفترة الانتقالية وانجازها، العمل على صياغة قانون انتخابات
يضمن لجميع المواطنين حقوقا متساوية, وكذلك لجميع الأحزاب السياسية, ويكفل وصول
أعضاء للمجلس من ذوي الخبرة وأصحاب الكفاءات, ويعكس نخبة مؤهلة علميا وثقافيا.
وبحيث يضمن النظام الانتخابي حقوق جميع الأصوات.
إن إقامة أي انتخابات قبل صياغة دستور
جديد وقانون انتخابات جديد سيبعدنا عن تحقيق أهداف ثورة الشباب الشعبية السلمية,
بل هو تحايل على الاستحقاق الثوري و إدراج للثورة تحت طائل الأزمة السياسية, والتفاف
على الثورة وأهدافها, وخيانة لدماء الشباب من الشهداء والجرحَى.
دستورنا المطلوب:
نشير إلى بعض مكونات الدولة المدنية التي
ينبغي أن يتضمنها الدستور القادم للدولة المدنية والذي من خلاله تضمن المواطنة
المتساوية لجميع أبناء الوطن اليمني في ظل حقوق وواجبات يتساوى فيها الجميع:
1ـ الشعب مصدر السلطات, والشريعة
الإسلامية مصدر التشريع والدولة المدنية ينظمها الدستور الذي يقره الشعب. والدستور
ينظم هذه السلطات, ولا سلطة فوق الدستور، ولا قرار يقيد حرية المواطن وحقوقه التي يحددها
الدستور الدائم سواء كان القرار من مرجعية دينية أو عشائرية أو سياسية أو إجتماعية
أو اقتصادية أو ما شابه ذلك.
2- الحكم للشعب والسلطة للقانون عبر مؤسساته
الديمقراطية المنتخبة انتخابا حرا وديمقراطيا مباشرا من سياسية وعسكرية وأمنية والحد
من مراكز الضغط الاستبدادي التي تنسف دَور المؤسسات المدنية بموجب الدستور الذي يقره
الشعب من التحكم بمصير الشعب بكافة فئاته مع إيقاف أي تدخل يقيد من حرية الشعب
وممارساته الديمقراطية الحرة.
3- الفصل بين السلطات واستقلال السلطتين التشريعية
والقضائية عن السلطة التنفيذية. وبناء جيش وطني بمؤسسة عسكرية وطنية المبادئ, يمنية
الانتماء شعبية الولاء, لا تتدخل في العمل السياسي.
4ـ إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية
الاستخباراتية والعسكرية بما يحد من عملية تدخلها في منح صكوك الغفران وحق
المواطنة لأبناء الوطن الواحد ومنح بعض الأفراد صلاحيات الاستخدام دون البعض. ووقف
التدخل في تسيير الشئون الداخلية والسياسية أو الحد من حقوق الإنسان والمواطنة
المتساوية لجميع أفراد المجتمع. بحيث يصبح دورها مقصورا على مكافحة الإرهاب
والاستعداء الخارجي للدولة والوطن والشعب اليمني, ومكافحة التجسس والأمن الاقتصادي
....الخ.
5ـ نظام الإدارة الداخلية: نجد من الأنسب
أن تدار اليمن داخليا وفق نظام المخاليف أو الولايات وتحدد عددها وشكلها.... الخ
وفقا لعوامل ديموجرافية وجغرافية في الدستور والقانون الخاص بما يضمن وحدة اليمن
الجغرافية والبشرية والحد من أي نزعات تعصبية.
6- سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء محددة
طبقا للدستور, برئيس شرفي حتى لا يتحول إلى ديكتاتوري استبدادي يتحجج بالدستور في
شرعيته الاستبدادية, ويعيدنا إلى مربع الظلم والاستحواذ على السلطة والثروة, ورئيس
وزراء بصلاحيات برلمانية تنفيذية لفترة واحدة تحدد بخمس سنوات فقط, ويحق له تقديم نفسه
للترشح لمرة أخرى. دون زيادة عليها حتى وإن حصل حزبه على الأغلبية البرلمانية في المرة
الثالثة من حق الحزب تقديم شخصية أخرى لرئاسة الوزارة للمرحلة الثالثة من نفس
الحزب الحاصل على الأغلبية أو من حزب آخر.
7- الديمقراطية تقوم علي التعددية السياسية
والثقافية، وهذا يتطلب تعميق مفهوم الوحدة الوطنية ووضع الخطط اللازمة بتحقيقها على
أساس الانتماء للوطن والولاء للشعب اليمني وليس لغيره.
8- تنظيمات سياسية تمارس عملها السياسي طبقا
للدستور الذي يقره الشعب وليس طبقا لقوانين السلطان الذي فرض نفسه على الشعب عن طريق
القوة أو العقلية العشائرية أو الوراثية أو المذهبية. وتعميم ثقافة عامة للقبول بالآخر,
ضمن برنامج تفكيك ثقافة الاستبداد. ونشر
ثقافة التسامح والتصالح والمواطنة المتساوية وهو الشعور الذي يجعل من جزء من مواطني
الوطن يتعامل مع الجزء الآخر بمنطق الفـيد والأنانية والسخرة المتربصة بالغير,
وهنا نجد من الضروري أن نعلم أن بناء الدولة المدنية يتطلب التخلي عن هذه الثقافة
لصالح بناء الدولة للجميع بعيدا عن حاكم ومحكوم أو باعتماد المنطق الجغرافي في
الاستحواذ على السلطة والثروة, وإدارة شؤون البلاد بفرض الأمر الواقع, أو الغالب
والمغلوب. إن من أسس الدولة المدنية التخلي عن مثل هذه الثقافة قولا وفعلا.
9- الاعتراف بحقوق الموطنة المتساوية لكافة
قطاعات الشعب وفئاته وشرائحه المختلفة، بعيدا عن الانتماء المذهبي أو ألسلالي
والعرقي واحترام حقوق الأقليات, وضمان ممارستها لمعتقداتها بشكل لا يشعر أحد فيها بالغبن
والاضطهاد ومشاركتها الفاعلة في بناء الوطن. فالدولة المدنية تضمن حقوق الأقليات وتضمن لها مواطنة متساوية مع
الأغلبية, فالانتماء إلى الوطن اليمني هو المعيار في الحقوق والواجبات وأساس في
المواطنة وليس الغلبة العددية أو الجغرافية المناطقية أو القبلية أو القرب والبعد
من السلطة وجماعة النفوذ ففي الدولة المدنية تنتهي كل الامتيازات الفئوية أو غيرها.
10- حقوق الإنسان العمود الفقري للحرية والديمقراطية
والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، وصيانة هذه الحقوق قانونيا، وضمان حقوق الأسرة والأمومة والطفولة وحمايتها
ومعاقبة الذين يعتدون على المرأة والطفل أو يقف ضد حقوق الإنسان بأي صورة من الصور.
لاسيما حقوق الطفولة, واعتبار كافة
القوانين والتشريعات الصادرة عن المنظمات الدولية مرجعية أساسية في هذا الجانب.
11- حرية الصحافة ووسائل الإعلام واستقلاليتها عن
سيطرة الدولة وحرية نشاط الأحزاب والنقابات والجمعيات الرسمية والأهلية وصيانة
حقوقها في العمل المنظم.
12ـ ضمان انتخابات حرة وديمقراطية تكفل بها
حقوق جميع الناخبين وعدم إهدار أصوات كل من أدلى بصوته في الانتخابات. وهنا نجد
مشروعية إيجاد صيغة جديدة للعملية الانتخابية وهيكلة النظام الانتخابي برمته أمرا
في غاية الأهمية لضمان تكافوء الفرص أمام جميع الأفراد والجماعات.
المرجعية في الدولة المدنية:
فالدولة المدنية يجب الاتفاق عليها وعلى
مرجعيتها من خلال عمليات التوافق الاجتماعي، والنخب والتيارات المختلفة، والمتمثل
في نصوص الدستور المقر بالاستفتاء العام والمباشر. وهنا لا ينبغي لطرف أن يدعي لنفسه
حق الاختيار نيابة عن المجتمع، ولا ينبغي لطرف أن يفرض الوصاية على الأطراف الأخرى،
أو يفرض الوصاية على المجتمع. فالدولة المدنية لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع
المدني، والمجتمع هو صاحب الحق في اختيار المرجعية المتمثلة في مجلس النواب.
وحتى لا يصبح الدستور مجرد نص يحق لأي
حاكم (فرد أو جماعة) العبث به كيفما يريد .. نجد من الضروري تقييد عملية التغيير
أو تعديل كل أو بعض مواد الدستور المصاغ في الفترة القادمة خلال مدة زمنية لا تقل
عن عشرين سنة (مثلا), على أن يكون لعدد
محدد من المواد, مع عدم مس المواد الأساسية وتبني الثبات الدائم لها, حتى لا يصبح
عرضة للأهواء الخاصة لفرد أو لجماعة. وإن كنا نجد في شباب الثورة المرجعية الحقيقية
والضمان الأكيد في الحفاظ على الأهداف الثورية, وفي ساحاتهم الضمان الأكيد في مراقبة
عدم الانحراف المستقبلي عن أهداف ومبادئ الثورة ومعايير الدولة المدنية المتوافق
عليها ........
نسأل الله التوفيق,,
نشر هذا المشروع في:
ـ صحيفة الوسط 8 يونيو 2011م.
ـ الموقع الإلكتروني لمركز منار للدراسات الاجتماعية وحقوق الإنسان.
ـ عمم على اللجنة التنظيمية بساحة التغيير بموجب مذكرتنا في
10/10/2011م
ـ صحيفة الوحدوي ع 11/10/ 2011م.
ـ عمم على قيادات المجلس الثوري ساحة التغيير 13/10/2011م
ـ عمم على اللجنة الإعلامية بساحة التغيير 13/10/2011م.
ـ ندوة في منصة ساحة التغيير 17 نوفمبر 2011م.
ـ محاضرتي في منتدى صنعاء الثقافي, 5 ديسمبر 2011م., وفي 19 مارس 2012م
ـ حلقة نقاش حول الربيع العربي دمشق, ديسمبر 2011م.
ـ ندوة في منصة ساحة التغيير صنعاء, 13 يناير 2012م
ـ قدم ضمن فعاليات مؤتمر بيروت (اليمن الذي نريد) 18-19 يناير 2012م.
ـ عمم على مجلس الوزراء بمذكرتنا في30/1/2012م, للأستاذة جوهرة حمود
وزير الدولة
ـ عمم على أعضاء
اللقاء المشترك 7/2/2012م.
ـ نشرته صحيفة اليقين صنعا, 3 مارس 2012م
ـ مقابلة في قناة اليمن حول: الدولة
المدنية في 27 ابريل 2012م
ـ عمم على أعضاء لجنة التواصل في
7/7/2012م
ـ وزع منه أكثر من 2000 نسخة على شباب ساحة التغيير بصنعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق