ألا يكفي هذا الانحدار لإنقاذ جامعة صنعاء؟!!! |
|
|
د/ عبد الله مُعـمــــر أستاذ علم الاجتماع |
شيء محزن في النفس ومؤسف في آن واحد أن تكون أكاديميا تكرس قيماً في الوعي والمعرفة وفي ذات الوقت بلطجيا! ومؤسفٌ أن تتقمص أخلاق الأكاديميين وتسلك سلوك البلطجة! والمؤسف أكثر أن يحدث هذا في مؤسسة أكاديمية كجامعة صنعاء ومن قبل أولئك المتحذلقين ممن يدعون أنهم يستطيعون اللعب بالبيضة والحجر معا، ولا يخسرون في لعبتهم! والمؤسف بل والمخزي في آن معا أن تفشل في إدارة مؤسسة تربوية تعليمية أكاديمية فتحاول بالفهلوة ولعبة البيضة والحجر تقول أنه نجاح وليس فشلاً!! ولا نعترف أو نفرق بأن عبده الليل انزلق من حفرة القيم والأخلاق إلى هاوية الفهلوة وصار مهرجا في سرك أو ـ بلياتشوـ يضع مساحيق الألوان على رأسه وخده وفوق شفائفه تزين الابتسامات المجوفة، وفي سلوكه وأخلاقه سلوك منحدر إلى قاع الهاوية بثوب الأكاديميين!! والمؤسف جدا أنك لا تستطيع أن تدير خلافاتك في إدارتك وفي مؤسسة أكاديمية سوى بأسلوب واحد فقط هو أسلوب البلطجة لا سواه، متناسياً العمل الأكاديمي وأخلاقياته في إدارتك المقصورة على إدارة الجوانب المالية فقط، والفشل الأكاديمي المستمر في إدارة مؤسسة أكاديمية كجامعة صنعاء! نعم، يحدث هذا .. يحدث في مؤسسة أكاديمية انهارت فيها معايير القيم والأخلاق الأكاديمية بعد انهيار التعليم، وأصبح العلم بالقرطاسة بدلا من الكراسة.. مجرد شهادة تمنح لمن يدفع لخزينة غير خزينة الدولة وماليتها، بعد أن تعددت أسماء جبايات المال: نظام موازي، نظام تعليم عن بعد، أنشطة طلابية، غرامات امتحان، غرامات غياب، .... الخ.
بعد كل هذا.. ها هي قيم الانحدار تصل إلى صناع القيم الأكاديمية والتربوية، فأي مستقبل ينتظرنا وينتظر الأجيال القادمة، بعد أن صرنا أنموذجا لقيم فاسدة تكرس من الغوغائية أجملها والبلطجة أسلوبها، ومن الفهلوة مظهرها؟!!
في يوم الاثنين 6 مارس2012 تجمع عدد من الشباب أمام غرفة انعقاد اجتماع مجلس الجامعة، يهتفون ضد الأستاذ الدكتور/ حاتم الصباحي نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا والبحث العلمي، بعد أن كانت قد حدثت قبلها بنصف ساعة مشادة كلامية بينه وبين رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم أمام أعضاء مجلس الجامعة، أعلى هيئة تدير الجامعة، ايتهم فيها النائب (الرئيس) بإرسال أربعة مسلحين لتهديده في منزلة ليلا، بينما الرئيس ينكر ذلك أمام المجلس، ويؤكد الثاني صحة ادعائه ذاكرا أسماء المجموعة المتهمة بالتهجم ومرسلها. ما جعل مجلس الجامعة يقف أمام نوع مغاير من البلطجة المنظمة لا تشبه البلطجة ضد الساحات، ومغايرا أيضا لأسلوب عميد كلية الآداب الذي استهوى التدريس خارج الحرم الجامعي وأراد أن يظل بقية العام الدراسي في الجبل العالي (نقم) ناسيا أن البعض من أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب وخلال الترم الأول كاملا كانوا يقومون بواجبهم في مدرجات الكلية وليس في الجبل العالي! نعم.. ما حدث في مجلس الجامعة كان مختلفا، ما جعل المجلس الموقر يتعامل مع الأمر وفق القواعد القانونية والمعايير الأكاديمية ويتجه نحو تشكيل لجنة تحقيق في الأمر من بين أعضائه، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فما كاد مجلس الجامعة ينتهي من قراره بتشكيل لجنة التحقيق لتصدر من أحدهم في المجلس إشارة بتجمهر عدد من الشباب أمام بوابة المجلس تهدف لاستخدام العنف ضد النائب ومحاولة اقتحام غرفة الاجتماع! وبينما كان الحزن يخيم على المجلس كان البعض أرجوزاً ضاحكا من نشوة الانتصار يعتصر نخب ’’بلطجي آخر زمان بدرجة أكاديمي’’ في عصر الانهيار القيمي لجامعة صنعاء.. فسوء الإدارة هو من أوصل الأمر إلى هذا الحد من التردي والانحدار. ينفض الاجتماع ويحاط النائب بحراسة من بعض زملائه في المجلس وليس من الحرس الجامعي.
منذ 22 عاما وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة يطالبون بالتأمين الصحي، ولا يزالون مستمرين في مطالبتهم.. وبالأمس القريب انتقل إلى رحمة الله الصديق والزميل الأستاذ الدكتور محمد باسلامة أستاذ الآثار اليمنية القديمة تخصص فنون، بجامعة صنعاء، إثر مرض لم يتمكن معه من الذهاب إلى الطبيب لعلاجه؛ لارتفاع التكلفة وعدم قدرته على ذلك، مع التزامه بسداد مديونية البنك، لتخسر اليمن والتاريخ والآثار اليمنية باحثا متميزا وعالما أثريا نادرا في تخصصه .. بسبب غياب التأمين الصحي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة. وقبله خسرت اليمن المئات من أعضاء هيئة التدريس وكوادرها النادرة لذات السبب.. كان الله في العون يا كوادر الآمة وعقلها المهمل! فأساتذة الجامعة والصحفيون والسياسيون هم الأكثر عرضة للأمراض الفجائية القاتلة من بين شرائح المجتمع بحسب نتائج دراسات علم الاجتماع الطبي.•
فخامة الرئيس عبدربة منصور هادي رئيس الجمهورية: لأول مرة أن رئيس جمهورية في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر يعزي بوفاة أكاديمي وأستاذ جامعي لا يتقلد منصبا سياسيا، بل أستاذ.. أستاذ فقط، يصل إلى عمله كل يوم على (دباب)! تلك التعزية في وفاة الدكتور محمد باسلامة جعلتنا أنا وزملائي نأمل في الغد الأفضل لليمن والأكاديميين في ظل قيادتكم.. شكرا سيدي الرئيس.
وفي الوقت الذي كنت أهم بإرسال المقالة إلى الصحيفة يصدر من الهاتف صوت أجهش، ليقول المتحدث: البقية في حياتك! انتقل إلى رحمة الله الدكتور والصديق حمود القيري أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب... والبقية تأتي.. والتأمين الصحي لم يأت بعد !!
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق