الجمهورية اليمنية
الثورة الشبابية الشعبية السلمية
تكتل يمن فيدرالي
***
مشروع رؤية :
نحو دولة مدنية ديمقراطية متعددة الأقاليم
من أجل المواطنة المتساوية والتعايش السلمي
***
الهيئة التنفيذية للتكتل
ـ أ.د/عبد الله مُعـمـــر الحكيمي رئيس التكتل
ـ أ/ عبد الباسط المشولي نائب رئيس التكتل
ـ أ.د/ علي الطارق الأمين العام
ـ أ.د/ محمود الشعبي الناطق الرسمي
ـ د/صلاح الحمادي دائرة الدراسات والبحوث
ـ أ/ قائد الطيري الدائرة الإعلامية
ـ أ/شادية الحبشي دائرة المرأة
ـ أ/جميل عبدالله ناشر الدائرة المالية
ـ أ/حمود عقلان الدائرة القانونية
ـ أ/ احمد عثمان دائرة العلاقات
ـ أ/ عبد الغني العشملي مقررا
***
نعمل بجهودنا, ونقبل
الدعم غير المشروط
للتواصل معنا:
ـ تكتل (يمن
فيدرالي) ساحة التغيير صنعاء تلفون (733487656) بريد الكتروني (muamer171@hotmail.com)
تمهيد:
لقد جربنا المركزية
والمركزية المستبدة والتشطير والوحدة الاندماجية, والنظام الملكي والجمهوري,
والرئاسي, والمشترك (رئاسي, حكومي) والنظام الجماعي (مجلس الرئاسة) والعسكري ونظام
الحزب الواحد. وكلها تجارب أدت إلى الفشل في إيجاد صيغة من العلاقة بين المواطن
والدولة, هذا من ناحية ومن ناحية ثانية لم تؤد تلك التجارب إلى إيجاد دولة مؤسسات في
القسم الشمالي من اليمن.
لذا نحن مطالبون الآن
بتبني صيغة جديدة من صيغ الحكم, يمكنها العمل على تحقيق المطلبين السابقين على
الأقل.
وربما يكون تدخل
الظروف قد لعبت دورا هاما هذه الأيام في تأجيل الانتخابات لما بعد تغيير الدستور
وإصلاح النظام الانتخابي ما جعل الثورة الشبابية الشعبية في اليمن تفوز بما لم تفز
به الثورة التونسية والمصرية والليبية, لذا نجد جميع الأطراف السياسية في اليمن
تقف على مسافة واحدة الآن في مسئوليتها في صنع المستقبل, اذ لا يوجد طرف مسيطر أو
مهيمن على المستقبل وبالتالي فالجميع مطالب بطرح قضية اليمن أولا, واليمن
المستقبلي في إطار المواطنة المتساوية للحصول على الحق, لاسيما الحراك الجنوبي
باعتباره الضامن الحقيقي للدولة المدنية الديمقراطية متعددة الأقاليم, وهو الأكثر
فاعلية في ضمان استمراريتها.
وإذا كان الحوار
الوطني أهم ما جاءت به المبادرة والآلية, فالحوار يعني تأسيس لدولة المستقبل, من
ناحية, وثانيا: بداية لمرحلة جديدة من الوعي الجمعي للأجيال القادمة ما
يتطلب منا العمل وفق هذه المسئولية. لاسيما واليمن تعيش حاليا حالة من الصراع
والتغيير يصعب السيطرة عليها والتوقع المستقبلي لاتجاهاته, وتبني الفيدرالية سيكون
الكابح الأكثر فاعلية لكل الاحتقانات في اليمن, كون الفيدرالية (الاتحادية) متعددة
الأقاليم مخرجا مناسبا للمجتمعات المقهورة التي تعاني من الاستبداد, وتغيب فيها
العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتعاني من الاضطراب السياسي وعدم
الاستقرار.
من
الضروري الاعتراف بأن لنا قضايا وطنية:
هل يمكننا بناء دولة حقيقية؟ قد تكون الإجابة
(نعم) وقد تكون الإجابة (لا) ... وأياً كانت الإجابة فإننا نقف حاليا في مفترق طرق
تماما ربما تكون أشد صعوبة من الفترة التي عاشتها اليمن بعد ثورة 1962 والصراع
الملكي الجمهوري, تلك الفترة التي جعلت من بعض دول المنطقة والعالم تصفي حساباتها
على الأرض اليمنية الأمر الذي جعلنا لا نتمكن من بناء دولة حقيقية وذات سيادة حتى
الآن.
وها نحن نعيد الكرة من جديد الأن, يثور الشعب
على حاكم مستبد بحثا عن دولة مواطنة متساوية..فهل نحن قادرون على بناء تلك
الدولة؟؟ بحسب طموحات اليمنيين. وتحقق أهداف الثورة الشبابية, وحسب ما يبدو ان
النية متوفرة حاليا لدى الجميع كفكرة في الذهن علينا تحويل الفكرة إلى موضوع أو
تطبيق, لكننا أعتقد أن هناك مخاطر عدة نحن بحاجة إلى مكاشفة مع الذات أولا.
فالعديد من دول الجوار ترى في اليمن خطرا
عليها منذ أمد بعيد, وفي بناء دولة حديثة أكثر خطورة وهي تسعى بهذا إلى أن تلعب
دورا في كل الأحداث اليمنية حتى في وقت السلم... ولا يكاد مالها يجف من أيدي البعض
مطلقا. ليعود من جديد ومثل هذه الدول هل يمكن لها أن تسمح لنا في بناء دولة مؤسسات
ناجحة...؟
ونجد في القبيلة حائلا اخر يقف ضد بناء
الدولة بالمفهوم العام ومنذ أمد بعيد... فالقبيلة كانت ترى ولم تزل بأن مصالحها
ونفوذها مرهونا بهشاشة الدولة وضعف نظامها
المؤسسي ما يعمل على تحقيق ورعاية مصالحها.
و في سبيل بناء دولة حقيقية فان عليها التخلي
عن تلك المصالح وهي مصالح تصب في حقيقة الأمر في جيوب المشائخ, بما في ذلك التخلي
عن الارتباطات الخارجية والارتهان مع الخارج أيا كان, والانكفاء نحو التطلعات
المشتركة لجميع اليمنيين.
إن الثورة الشبابية
الشعبية السلمية التي جاءت بعد احتقان دام قرابة قرن من الشعور بالقهر والظلم
والإقصاء الذي تجذر في الوعي الجمعي إلى اليوم, وجعلت من اليمن تقف أمام خيارين أو
مفترق طرق, إما أن يتقسم الوطن إلى عدة دويلات بعد حرب أهلية أو أن يتمتع الجميع بحقوق
المواطنة المتساوية من خلال الدولة المدنية المتعددة الأقاليم, يتم فيها التوزيع
العادل للثروة والسلطة والإدارة.
وهنا يتوجب بالضرورة
علينا ان نضع كل قضايانا على طاولة مستديرة في مؤتمر الحوار الوطني القادم,
ونتعامل معها وجميعها دون استثناء بشفافية عالية, وموضوعية, بعيدا عن التشنجات
والاتهامات المتبادلة, فإذا كنا قد اعترفنا بوجود قضية جنوبية بعد ان سقط مئات من
الشهداء والجرحى, واعترفنا بوجود قضية في صعدة بعد أن خاضت الدولة ستة حروب طاحنة
وبعد كل ذلك ما أحوجنا اليوم أن نعترف بأننا أمام قضية وطن لا تتجزء قضيته بين
الصمت واللاصمت, وان نعترف بأن لنا مناطق لا تزال صامته ولها قضايا أيضا, وعلينا
أن لا ننتظر حتى نسمع ازيز الرصاص وأصوات القذائف لنعترف بأن لهذه المنطقة أو تلك
قضية, بل أن نعلن الآن, ان لتعز قضية ولتهامة قضية وحضرموت, والصحراء... الخ.
وسيغدو هذا الاعتراف منارا لصناعة الغد الأفضل والغد الأجمل وهو الرهان من اجل
مستقبل مشرف لأجيال اليمن.
ولا يخفي على احد أن
وجود تلك الساحات قد صنعت فينا إحساسا وروحا لم نألفها من قبل لو جاهدنا سنين نحو
ذلك ما استطعنا اليه سبيلا وبكل ما لدينا من وسائل إعلام وخبرات وما تمكنا من
الوصول اليه. بيد أن الساحات استطاعت العمل وبفترة وجيزة على ان توجد وعيا مغايرا
توصل اليه الشباب بفضل ساحاتهم تلك, وفي حال مصادرته أو التآمر عليه وعدم تحقيقه
تحت أي مبرر كان, حزبيا أو سياسيا أو لتحقيق مصالح ذاتية آنيه و مستقبلية, فان على
الجميع أن يستعدوا لرد الفعل القادم من وسط بركان الشباب, ومنها فيدرالية الدولة.
لقد أثبتت الدولة
المركزية مؤخرا في اليمن فشلها الإداري والسياسي والتنموي ولم تتمكن خلال المائة
السنة الماضية من تحقيق أي تقدم نحو الأمام. ففي المجال التنموي تعد اليمن مقبرة
المساعدات ومن أفقر بلدان العالم التي لم تؤثر أو تظهر فيها أثر تلك المساعدات في
الواقع, بحيث تحقق قفزة نوعية تتغير معها منظومة الفقر والتخلف والبطالة.
وفي المجال السياسي
تعد اليمن من أكثر البلدان فشلا في سياستها الخارجية, فلم نتمكن من لعب أي دور
إقليمي أو عربي واضح, ولعل فشلنا الذريع في الملف الصومالي خير دليل على ذلك, في
الوقت الذي تحقق فيه الحكومة التركية خطوات متقدمة في فترة وجيزة, ناهيك عن الدور
في المنظومة الدولية, حتى حروبنا الخارجية تهزمنا فيها خفافيش الظلام وبسهولة
أيضا.
لكن فشلنا الأكبر
يأتي في إدارتنا الداخلية, فقد شرذمت اليمن إلى دويلات صغيرة تشبه قطع الحلوى بفعل
عامل الاستبداد خلال المائة عام المنصرمة, كما أننا لم نتمكن من إقامة نسيج
اجتماعي يعزز عمليات الانتماء للوطن اليمني لدى الأجيال منذ الاستقلال عن الدولة
العثمانية وحتى اليوم, لكننا بالمقابل جسدنا ونمينا ثقافة الاستبداد والاستحواذ
والسيطرة الأسرية والفردية والقبلية والمناطقية الجغرافية, وحشدنا من اجل ذلك كل
الطاقات والجهود الأدبية والعلمية والمنهجية والتربوية لتعزيز مثل تلك الثقافة
واعتبرناها قيما ثابته, حتى أننا حاولنا أن نلبسها ثوب الوطنية, تحت مبرر الثوابت
الوطنية التي لا تمس .. وإضفاء القدسية عليها. فأي ثوابت تلك التي تتنافى مع الحق
الإنساني!! وأي ثوابت تلك التي تعطي الاخر الحق في مصادرة حق اخيه المواطن كإنسان
في العبادة والوجود والحياة, والقول والعمل !! بينما تتيح للأخر أن يعيث كما يريد
؟ وأي ثوابت تلك التي تتيح للبعض نهب المال العام متى شاءوا وكيفما شاءوا
والاستيلاء على الأراضي جهارا نهارا وامتهان كرامة الآخر وإنسانيته ومصادرة حقوقه
الربانية...؟.
الدولة الاتحادية المتعددة الأقاليم
ضرورة بعد فشل المركزية:
وهذا الوضع المتردي
والذي سار من سيءٍ إلى أسوأ أوجب علينا اليوم وفي هذه اللحظة التاريخية أن نتطلع
وهو حق مشروع إلى ايجاد اسلوبٍ جديد لإدارة شئون الحكم من شأنه ان يعيد الاعتبار
للمواطن الذي فقد الإحساس بالدولة وأضحت علاقته معها وبالا عليه بتحولها إلى مؤسسة
للبطش والجباية, هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ترميم علاقة المواطن بالدولة بشكل
يوائم بين الحقوق والواجبات وتتجذر معه مبدأ المواطنة المتساوية, وهذا يدفعنا الان
إلى أن نجرب أسلوبا جديدا للحكم وطريقة مختلفة لإدارة العلاقة بين المواطن
والدولة, نستند فيها على منظومة متكاملة من منح الحقوق الخاصة بالمواطنة
المتساوية.
لقد ارتكبنا أخطاء
عدة في سبيل تثبيت الدولة المركزية, وبأسلوب استبدادي محض, الأول: كان في
محاولة الإمام يحيى بسط نفوذه على كامل التراب اليمني, ولكن وفق منظور الدولة
المركزية المستبدة وليس الدولة الراعية والحافظة لمصالح الوطن وأبنائه, وبمبرر
الفتح لاسيما مناطق اب وتعز والحديدة. ما جعل من بعض المناطق تنزع نحو رفض تلك
العملية وتتجه نحو تأسيس إدارات ذاتية بعيدا عن سطوة المركز وسلطته ورفضا لمنظومة
الاستبداد المركزي لدولة الإمام وذلك في الجزء الأكبر من الوطن, عرفت باسم
المحميات والجنوب فيما بعد, وكان الخطأ الثاني بعد الوحدة اليمنية 1990م,
والذي دخل فيها الناس بقلوب صافية ونية صادقة, وبمحاولة المركز فرض ثقافة وآلية
الاستبداد المركزي والسيطرة المستبدة الممنهجة التي غيبت الاخر وأقصته, بل وأنكرت
وجوده, وها نحن نعيش اليوم وضعا مأساويا من جراء تلك العقلية الفاسدة وان لم
نتدارك ذلك فإننا سندخل مرحلة خطرة تهدد الوطن بأكمله جراء تلك المنظومة.
لكن الخطأ الثالث
الفرعي الذي يحمل من الأهمية مزيدا من التوقيت المبشر بالانفجار المستقبلي فيما لو
أننا تعاملنا مع الأمر وفق منظومة قيم الاستبداد, وإلغاء الاخر, وما حدث بعد ثورة
26 سبتمبر من استحواذ وسيطرة مقابل تهميش البعض الآخر من أبناء اليمن لأسباب
جغرافية, ومنها فصل وقتل وسجن وتشريد وتهميش وإهمال كل القيادات التعزية والتهامية
والبعض من أبناء المناطق الوسطى في الدولة وتفريغها وإهمالها تماما وحرمان أبناء
تعز من القيادات العسكرية والأمنية, ومنعهم من الوحدات العسكرية وخاصة في أماكن
القيادات والوحدات العسكرية الرئيسية. ومن وجد منهم في الأمن أو الجيش لا يكون
بيدهم صلاحيات قيادية.
وقد بدءت تلك التصفيات
لأبناء تعز وغيرهم من الجيش ابتداء من 1968م من قبل زملاء النضال من يدعون أنهم
مدافعين عن الثورة وسلبهم حتى من تلك الأعمال الوطنية التي قدموها دفاعا عن الثورة
والعاصمة صنعاء, وكرست المناطقية والمذهبية ضدهم وضد كل أبناء اليمن الأسفل
والتهامي بصورة منهجية ولا تزال مستمرة إلى اليوم.
وحتى القطاع المدني لم
يتم تولية أبناء تعز وتهامة الا في الوزارات من الدرجة الثالثة وحرموا تمام من
هيئة الأركان, وحجبت عليهم وظائف ووزارات محددة وحرموا من الكليات العسكرية
والأمنية ووزارة الدفاع والخارجية والإعلام والمالية ورئاسة الجامعات الا في حالات
نادرة وبسبب الحاجة.
وفي المرحلة الأخيرة
تم السيطرة على تعز بما يشبه الاحتلال العسكري والأمني فقد وضعت تحت حكم (قيران
وضبعان والعوبلي), والذين ارتكبوا كل الجرائم ضد الإنسانية بما فيها القتل الجماعي
ومحرقة تعزبالتواطوء مع بعض أذناب النظام السابق من المحسوبين على تعز.
كما ان منطقة تهامة
لا يخفى على احد ممارسة النهب والتهميش التي تطال هذه المنطقة وأبنائها, بل ان ما
يحدث فيها يذكر في تقارير رسمية كانت ترفع إلى النظام السابق (الحكومة والبرلمان)
وهي تحدث على مرأى من المجتمع دون أي تحرك أو أدنى تعاطف من احد ولو من باب
المحاولة في تصحيح الأوضاع في هذه المنطقة.
أما عدن فهذه
المدينة التي ولج من خلالها اليمن للقرن العشرين بعالمه المتطور فما عانته من قهر
واغتصاب لمدنيتها وسكونها حول أهلها من عقول نظيفة متمدنة ذات فكر إنساني مسالم
إلى بؤر للإرهاب والتطرف جعل بعض شبابها يتحول إلى قنابل بشرية بعد الوحدة نتاج عن
الممارسات الاستبدادية وعقلية الفيد والنهب وشرعنة ذلك بفتاوى أصدرها النظام إلى
أبنائها ليعودوا بها إلى قرون غابرة إلى الخلف.
ولا يمكننا أن نغفل
الحديث عن حضرموت ذات التاريخ الموغل في القدم والذي أنبأنا ان حضرموت وأهلها
تعايشوا مع كل الأجناس من البشر وهم الذين حُكموا في بعض الأحيان من أسر وأفراد
جاءوا من خارج حضرموت بينما أصبحوا اليوم لا يقبلون جيرانهم من المحافظات وهذا
ناتج أيضا عن ثقافة الأنا وممارسة الإقصاء والإلغاء والفيد وعدم احترام القانون
والتسلط الفردي والاستبدادي الذي نهب الثروة وإلغاء الإنسان.
ويمكن لتكرار مثل
هذه الآلية ـ الاستبداد ـ أن تنتج حربا أهلية أكبر تؤدي إلى قيام دويلات جديدة على
التراب اليمني. ما سيمثل لنا الخطأ القادم, والذي سيرافقه نوع أخر من رد
الفعل, نوع جسد في بنية الوعي الثقافية حتى أصبح وعيا جمعيا لدى جميع أبناء الوطن
اليمني... وهو الحق في المواطنة المتساوية للجميع وهو ما يتنافى كليا مع الدولة
المركزية, حتى وان برر المروجون لها بتحقيق الدولة العادلة, والحداثة, ودولة
القانون ... الخ, فالدولة المركزية دولة استبدادية لا تمنح حق المواطنة المتساوية
لأفرادها مطلقا. بل على العكس تميل دوما إلى مصادرتها تحت مبررات عدة. بينما تحقيق
العدل والحرية والحقوق والمواطنة والديمقراطية والوتيرة الأسرع في التنمية
الاجتماعية والاقتصادية, ومحاربة الفساد. كلها لا تتحقق بغير الدولة الاتحادية
المتعددة الأقاليم.
إن نظام الأقاليم
الفيدرالية بالدولة الاتحادية يمكنه ان يوجد التنافس بين الأقاليم وبعضها
بالاعتماد على التقسيم إلى أقاليم اتحادية مستقلة إداريا, في ظل الوحدة العامة
للوطن اليمني (دولة مدنية ديمقراطية اتحادية) نرى انه السبيل الوحيد لرفع درجة
التنمية الاجتماعية والنهوض بالمجتمع وفق المعايير التنافسية التالية:
أولها: الأقاليم التي لديها درجة النمو والتطور مرتفع ستسعى
إلى تنظيم نفسها أكثر والرفع من شأنها, بينما الأقاليم التي تعاني من تدني مستوى
النمو لديها ستحاول العمل بوتيرة عالية لتلحق بمن سبقها من الأقاليم.
ثانيا: سنعمل من خلال ذلك على تنمية الشعور بالذات لدى أفراد
تلك الأقاليم التي تعاني من تدني درجة النمو والاعتزاز بقدراتهم عندما يسهمون في
تطوير وتنمية أقاليمهم, أي ان الشراكة المجتمعية ستكون بدرجة اكبر. ما سيحقق لها
فرصا أكثر ونموا أسرع, يتطلب تحقيق شراكة مجتمعية بالسماح للجميع بإدارة شؤونهم.
ثالثا: في حال الدولة المركزية نجد الفشل في عملية التنمية
يتحمل مسئوليته الاخر, وهنا تتحول الدولة إلى شماعة تعلق عليها الأخطاء.
أما
الأقاليم الاتحادية فان الفشل يعود على طبيعة وشكل الشراكة المجتمعية في الإقليم,
اى إن الإقليم هو من يتحمل مسئولية الفشل كونه المسئول عن النجاح أيضا, ما سيمكنها
من العمل بوتيرة عالية لتحقيق ذاتها ومنافسة الأقاليم الاخرى.
رابعا: في الدولة
الاتحادية توزع جميع السلطات بين مختلف مؤسسات الدولة, مما يقلل من فرص الاستحواذ
والهيمنة من قبل الفرد أو الجماعة أو المنطقة الجغرافية ضد الاخر.
خامسا: الدولة الاتحادية
تقلل من تكدس السكان في العاصمة أو في مدينة واحدة على حساب المدن الاخرى, ما يوجد
توازنا مناسبا في الهجرة من الريف إلى المدن.
الاستبداد نقيض الدولة
الاتحادية:
ولا ننسى أن نذكر أن ثقافة الاستبداد وبناء
الدولة نقيضان, فتفكيك ثقافة الاستبداد ونشر ثقافة التسامح والتصالح والمواطنة
المتساوية هو الشعور الذي يجعل من جزء من مواطني الوطن يتعاملون مع الجزء الاخر
بمنطق الفــيد والأنانية والسخرة المتربصة بالغير, أو في منطق المثل الشعبي (جمل
يعصر وجمل يأكل عُصَّار) وهنا نجد من الضروري أن نعلم أن بناء الدولة يتطلب التخلي
عن هذه الثقافة لصالح بناء الدولة للجميع بعيدا عن حاكم ومحكوم, أو باعتماد المنطق
الجغرافي في ذلك الاستحواذ على السلطة والثروة وإدارة شؤون البلاد بفرض الأمر الواقع,
أو الغالب والمغلوب على وزن السجين والسجان, أو المنتصر المهزوم.
إن
من أسس الدولة المدنية التخلي عن مثل هذه الثقافة قولا وفعلا بحيث لا يبقي من يشعر
بالغبن في إطار الوطن الواحد.
لكن جدلية المحيط والمركز تلعب أحيانا دورا
في عملية تأخر بناء الدولة الحديثة في بعض المجتمعات ومنها اليمن .. فالمكون
الجغرافي في جدلية المحيط والمركز يلعب دورا في فرض عملية الاستبداد والسيطرة ..
فكلما كان المركز شديد في تماسكه النفعي يفرز مفاهيم للاستبداد ويزيدها عتوا
ونفورا في فرض الوصايا على المحيط. وتقل تلك الوصايا عندما نقر بأن للآخر حق مثل
مالنا من حق عندما نشعر أن الفئات الهامشية أو الأقليات داخل المجتمع لها من
الأهمية في بناء الوطن مثل ما لغيرها من أبناء الوطن الواحد.
الدولة اليمنية المعاصرة من الاتحادية إلى المركزية
المستبدة الفاشلة:
وهنا نؤكد على ان
الفترات التي كانت الدولة في أوج قوتها كان نظام الأقاليم والاستقلال الإداري
الذاتي هو النظام السائد باستثناء المائة سنة الأخيرة من التاريخ المعاصر
(1918-2011 ) وهي الفترة التي تعد أسوأ الفترات التي امتهنت فيها إنسانية الإنسان
اليمني وعممت فيها ثقافة الاستبداد والتسلط الجغرافي لمنطقة جغرافية من اليمن على
بقية الأجزاء الجغرافية الاخرى في نوع من التثبت الديني والادعاء بالحق الإلهي
أحيانا والجغرافي أحيانا اخرى وصل في بعض منه إلى حد الطائفية, والمناطقية
الجغرافية للجزء مقابل الكل, الأمر الذي أوجد معه العديد من المناطق الجغرافية
الممتهنة في الحق والواجب والثقافة (اللهجة والفنون والعادات والتقاليد) مقابل
السعي لنشر ثقافة ولهجة وفن لمنطقة جغرافية صغيرة باعتبارها كل اليمن ولا تمثل ذلك
الجزء الذي هي منه.
لكن سلطة الاستبداد
في العصر الحديث جعلت أيضا من الإمام يحيى ومن بعده الإمام احمد أكثر من كرس ونشر
ثقافة الاستبداد والهيمنة وغرس الحق في الحكم لفئة محددة من الناس دون سواهم حتى
صار حقا إلهيا أو جغرافيا لمنطقة جغرافية دون سواها من الوطن اليمني. ومعه استبد
بالآخرين فأصبح الحق الإلهي حقا جغرافيا بعد ثورة 26سبتمبر والوحدة اليمنية,
استحوذ على السلطة والقوة والمال معا. مقابل آخر بعيدا عن السلطة والقوة ويعيش على
الكفاف مقابل الجهد.
وفي هذا يرى الدكتور
محمود الشعبي ان الإمام يحيى كان أول من عمل على بناء دولة استبدادية تجمع بين
السلطة (الدينية والسياسية) في اليمن بعد خروج الأتراك, بعد ان كان الأئمة قبله
يعملون على بسط النفوذ الديني أو المذهبي في اليمن وإخضاع من هم من أتباع المذاهب
الاخرى إلى إتباع المذهب الزيدي.
وذلك بوضع القواعد
الأساسية لما يمكن ان يوصف بدولة يمنية جديدة يديرها نظام حكم مركزي مطلق باستثناء
بعض أحكام القضاء الشرعي, ولم يختلف نظام حكمه عن سابقيه من الأئمة في طريقة جباية
الأموال من الرعية دون توفر النصاب الشرعي تحت مسميات متعددة, وما سوى ذلك فإن
(الإمام الملك) لم يكن مهتما إلى حد كبير بفرض المذهب الزيدي على أصحاب المذاهب
الاخرى بالقوة, وبذلك يكون الإمام يحيى قد ادخل نوعا جديدا من أساليب الحكم
السياسي يختلف كليا عن أساليب الأئمة السابقين له, مؤسسا بذلك لسلطة سياسية
دنيوية, بعد أن كانت دينية, وعزز ذلك بمنح ولاية العهد لأبنه احمد من بعده مخالفا
لشروط الإمامة الزيدية الهادوية في تولي الإمامة. وان كان قد أبقى على الحق الإلهي
بتولي الحكم.
والتي بدأها بالخروج
عن صلح (دعان) الذي يمنح الإمام يحيى السلطة الروحية على المناطق التي تدين
بالمذهب الزيدي دون السلطة السياسية والإدارية. الا ان خروج الأتراك من اليمن ـ
كما أسلفنا ـ عقب الحرب العالمية الأولى وتقسيم تركة الرجل المريض أو الفراغ
السياسي والإداري في اليمن ما منح الإمام يحيى فرصة لتوسيع نفوذه إلى بقية مناطق
اليمن ليس بهدف بسط النفوذ المذهبي وإنما السياسي والإداري ليؤسس لدولة دينية
دنيوية (الإمام الملك).
ومع تولي مقاليد
الأمور من قبل الإمام يحيى (1918) وجدت دولة الاستبداد المركزية في اليمن ولأول
مرة في التاريخ ( يمكننا قول ذلك مجازا) والتي بثت معها ثقافة حامية وحافظة لها لا
نزال نعاني منها في الجزء الشمالي من الجمهورية اليمنية إلي اليوم, عكس ما كان
يعرف بالمحافظات الجنوبية والتي ظلت تحت حكومات محلية عرفت بالسلطنات والمشيخات
لتتوحد في دولة مركزية بعد الاستقلال عن الاستعمار الانجليزي 30 نوفمبر 1967م.
الدولة المدنية
الاتحادية حق نافذ للجميع من الجميع:
في بداية الثورة الشبابية الشعبية السلمية
اتفق الجميع أفراداً وجماعات وأحزاب سياسية وشباب ومستقلين على شعار واحد إسقاط
النظام وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة, وظل يردد في الساحات حتى الآن,
وسميت جمعة 15 يوليو2011م, باسم جمعة (الدولة المدنية الديمقراطية). وعلى هذا
الأساس تجمع الشباب في الساحات وخرجوا في المسيرات, وجرحوا واستشهدوا, ومن أجل هذا
أيضا غسلت الشوارع بدمائهم, ومن اجل هذا وبه استشهدت النساء في الساحات, لاسيما
ساحة الحرية تعز وكذا الأطفال. ما يعني أن عقدا صارا نافذا بين الجميع واجب الوفاء
به, ما يعني أن العودة إلى مناقشة فكرة الدولة المدنية أمرا مرفوضا كونه خروج على
اتفاق مسبق أصبح ملزما وواجب النفاذ. فالشهداء سقطوا من اجل هذا والجرحى جرحوا
لهذا السبب, والذين انضموا إلى الثورة كانوا مع هذا, ومن ينكر هذا أو يخرج عنه
الآن يعد بمثابة الناكر للعهود, والخارج عن المواثيق.
الدولة الاتحادية حق للجميع والحوار ضرورة لإقرارها:
ان الدولة المدنية تضمن حقوق الأقليات وتضمن
لها مواطنة متساوية مع الأغلبية بحق الانتماء إلى الوطن اليمني فهو المعيار في
التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات وأساس في المواطنة وليس الغلبة العددية أو
الجغرافية المناطقية أو القبلية أو المذهبية الدينية أو القرب والبعد من السلطة
وجماعة النفوذ ففي الدولة المدنية تنتهي كل الامتيازات وتصبح الحقوق مكتسبة
بالانتماء إلى الوطن.
إن أردنا حقا بناء دولة مدنية فعلينا التعامل مع كل
القضايا الوطنية التي تهدد الوطن والسلم الاجتماعي بشفافية, فالاعتراف بوجود قضية
جنوبية وقضية في صعدة أمرً غير كافي في معالجة الوضع الداخلي, بل سيكون بمثابة
ترميم مؤقت للتصدع في نسيجنا الاجتماعي فقط, وهو أمرا غير كافي إن أردنا فعلا
تحقيق المواطنة المتساوية, علينا الاعتراف أولا بوجود قضية وطن بأكمله, فقضية
الجنوب (مع اعترافنا بخصوصيتها) وصعدة تساوي قضية تعز المنسية والمتجاهلة منذ
1918م, وتهامة والصحراء (مأرب والجوف, والمهرة, وشبوة) وحضرموت ... الخ كلها قضايا
مواطنة متساوية, قضية أو قضايا حقوق وواجبات, قضية انتماء ليمن واحد يتساوى فيه كل
أبناء الوطن الواحد.
وعدم فتح هذه الملفات في مؤتمر الحوار الوطني
تعني تجاهل صارخ وفاضح أيضا لمطالب المجتمع في تجاهل قضية وطن ومواطنة كما تجاهلها
الحكام السابقون على مدى قرن من الزمن. وسنخرج بحلول عبارة عن مسكنات ستؤدي إلى
انفجار الوضع من جديد في أي لحظة.
ومن تلك القضايا..أولا
الاعتراف بأن اليمن بعد 11 فبراير 2011م, لم تعد تلك اليمن التي كانت قبل 11
فبراير 2011م, فلا يمكن لحزب أو جماعة أو قبيلة أو منطقة جغرافية ان تدير أو تسيطر
أو تحكم كل اليمن. سواء باسم الدين أو السلالة أو المذهب, بحق ديني أو الهي, أو
جغرافي وأن أحدا لا يمتلك الحقيقة المطلقة ويحتكرها دون سواه, وبالتالي فان البحث
عن صيغة أو آلية جديدة لعلاقة الدولة بالمواطن, أصبح ملحا. ومطلبا هاما لتحقيق
المواطنة المتساوية لجميع ابناء الوطن, وان آلية الاستبداد يجب أن تقلع من جذورها,
ونتجه نحو بناء نوع جديد من العلاقة, تختلف تماما عن تلك الآلية التي فرضت منذ
العام 1918م وحتى الآن, والتي لم تحقق لنا المواطنة المتساوية, وكانت سببا في توسع
الشرخ الاجتماعي والميل إلى الدفع نحو تنمية ثقافة الاستبداد الجغرافي ضد الآخر,
بإتباع عدة أساليب مساعدة منها ما هو ثقافي ومنها ما هو سلوكي (عملي) وكلها تسير
في اتجاه فرض الثقافة الاستبدادية والتوسع في نشرها حتى كادت أن تصبح عامة وضمن
المكونات الثقافية لعموم المجتمع اليمني.
إننا نتجه إلى ان
يتمتع اليمني بحقه في المواطنة بانتمائه لليمن فقط, وليس لولائه لمذهب أو منطقة أو
حزب أو قبيلة.
لقد كنا ولا نزال في
وطن يتسع للجميع, لكن ثقافة الاستبداد والهيمنة والاستحواذ جعلت من هذا الوطن يضيق
على الجميع حتى على دعاة تلك الثقافة. كونها لا تستجيب لتحقيق المواطنة المتساوية
للجميع في إطار من الدولة الاتحادية لأسباب متعددة .. أهمها:
1-
من الضروري ان تكون الدولة المركزية قوية لدرجة
الاستبداد, كونها بحاجة لقبضة قوية تفرض من المركز على المحيط أو الأطراف ضمانا
للولاء وهو ما يتنافي مع المواطنة المتساوية لجميع أبناء الوطن.
2-
في الدولة المركزية يميل الحاكم إلى تعيين الولاءات بدلا
من الكفاءات, ما يسلب المواطن مواطنته المتساوية مع الاخر ويفرض من يتسلط عليه لا
من يديره ويحقق مصالحه. ما يجعل الطاعة واجبة عليه كرها لا حبا مما يؤدي إلى تفشي
الظلم والشعور به.
3-
لكن من شروط المواطنة توفر قدرً واسع من الديمقراطية
الحقيقية, وهو ما يتعارض مع الاستبداد, والدولة المركزية, وبالتالي تميل الدولة
المركزية (بطبيعتها) إلى التقليل من مساحة الديمقراطية الممنوحة للمواطنين وفق رؤى
تفرض ممن يحكم وأجندته.
4-
وفي دولة المواطنة تكون الكفاءات وفق معايير التنافس هي
التي تحظى بالقبول والموافقة وفي الدولة المركزية يكون الولاء الشخصي والقرابة
سائدين.
ضرورة الانطلاق من الخاص إلى
العام:
دعوها دولة اتحادية
متعددة الأقاليم, كما أرادها الله فإنها مأمورة هكذا أراد الله لهذه البلاد أن
تكون منذ بدء ظهور الدولة وبشكلها الجنيني المنظم في التاريخ اليمني.
فالمجتمع اليمني يكاد يكون الوحيد في التاريخ
القديم الذي أنشاء دولته على أساس الإدارة المحلية أو الإقليمية وبذلك تميز بنظام
المخاليف, وتراتب الاقيال والاذوا.
لقد أراد الله لهذه
البلاد أن تكون كذلك قبل نزول دياناته, وإرسال رسله إلى عباده من البشر, وبالتالي
فإن كل اتجاه مخالف لذلك النظام يصاب بالفشل دوما فنجاح أي إدارة في اليمن لا
يتأتى الا من خلال الاعتراف بالآخر وقدرته على إدارة ذاته وبمعاييره الخاصة التي
تنطلق من الخاص إلى العام وليس العكس.
فالعام يزيد من
الهيمنة والسيطرة إلى الدرجة التي يلغي فيها الخاص, ويسخره من اجل العام أو
المركز, ومع اشتداد السيطرة من قبل العام (المركز) يتجه الخاص (الأطراف) نحو
الأقلمة (الأقاليم) أو التمزق من جديد والميل لإعلان دويلات مستقلة وهما الخياران
الماثلان أمامنا الآن, باشتداد السيطرة من قبل المركز (الدولة المركزية في النظام
السابق) في جعل الخيارين أمام المحافظات ويبرزان بوضوح في رفع شعار: الدولة
المدنية الديمقراطية بأقاليم متعددة ضمان للمواطنة المتساوية, وضمان لاستمرار
الوطن الواحد دون تجزئة, ولا نقصد هنا شمالاً وجنوباً, بل نذهب إلى ما هو ابعد من
ذلك, فالشمال لا يمكن أن يظل شمالا كما كان ويقبل بالمركزية أو المركزية الاستبدادية,
فالناس ضاقت ذرعا بهذا النوع من الحكومات والإدارات التي تصادر أبسط الحقوق
الربانية, والإنسانية, والبشرية والدينية. ويخطى من يعتقد بغير ذلك.
اللا تجانس دافع لقيام الدولة
الاتحادية:
يعد المجتمع اليمني
من المجتمعات اللامتجانسة على الصعيد التنموي, وعلى المستوى الصحي, وبنسب متفاوتة
من منطقة إلى اخرى.
اذ يوجد تمايز في
مستوى التعليم بين المحافظات المختلفة حاليا, فكلما زادت نسبة التعليم في المحافظة
كلما قلت نسبة الأمية بها. كما يوجد تفاوت بين المحافظات المختلفة في المستوى
الثقافي والولوج نحو المدنية, فالمجتمع اليمني المعاصر مجتمع غير متجانس في:
-
التعليم
-
التحضر والمدنية
-
احترام القانون
-
سيادة العرف
-
تحكم القبيلة في الأفراد (شدة تماسك البناء القبلي).
وكلها عوامل متدخلة
ومؤثرة في الاستجابة للتنمية الاجتماعيبة والاقتصادية الأمر الذي ينعكس في وجود
تفاوت ثقافي مدني بين كل منطقة واخرى, ودرجة الاستجابة لعمليات التطور الاجتماعي,
ما ينعكس على بنية المجتمع والتي تبدو مزدوجة الأنماط والثقافة ما بين التقليدية
والحداثة ومنها ما هو بين الاثنين أي لا تزال في حالة من التخلق والتبلور ولم تنضج
معالمها بعد.
ما يجعل النظام
المركزي اشد خطورة على وحدة وسلامة اليمن فالتفاوت الواضح في كل من مستوى التعليم,
والزيادة السكانية المتسارعة في اليمن, وعدم القدرة على إيجاد وتيرة متسارعة في
التنمية الاجتماعية الاقتصادية, وتنامي وتيرة وأساليب الفساد, أمام شحه الموارد
ستجعل اليمن تعاني من مشكلات عدة مستقبلا اشد تعقيدا, ومنها الشعور بالظلم, وعدم
المواطنة المتساوية. ما يمكن ان يؤدي إلى حروب أهلية لا ولن يتأتى حلها إلا
بانتصار إرادة الفيدرالية, حتى لا تتحمل الدولة المركزية عبء ذلك كله مستقبلا, ويفتت
الوطن.
فعدن ـ مثلاـ نجد
لديها ارتفاعا في درجة المدنية والتحضر, وتأتي بعدها تعز وحصرموت والحديدة ....
الخ مقابل مناطق اخرى تنخفض بها, وهذا يجعل أي نظام مركزي قائم عائقا أمام تطور
المجتمع المعتمد على المنافسة بين الأقاليم, وليس المقدم من الدولة المركزية القائمة
حاليا المعتمدة على القوى التقليدية في الحكم مقابل تهميش واستبعاد بقية القوى,
التي لم تحقق شيئا حتى الآن ما يتطلب منا البحث عن آلية جديدة, نعتقد توفرها في
المنافسة بين الأقاليم المختلفة تتمثل في النظام الاتحادي.
مقومات تاريخية للدولة الاتحادية اليمنية:
وبالعودة أيضا إلى
تاريخ اليمن القديم سنجد ان دولة اليمن ازدهرت
اقتصاديا وثقافيا عندما كانت تدار وفقا للنظام اللامركزي, وهو النظام الذي
عرف بالمخاليف وكل مخلاف كان يدير شئونه في ظل دوله اتحادية.
فالدولة السبئية
والحميرية وما تلاهما باعتبارهما الشكل التنظيمي الإداري والسياسي الأقدم في
التاريخ اليمني وصل إلينا وتعرفنا عليه.
وبحسب مصادر التاريخ
توضح ان اليمن لم تحكم قط عبر الإدارة المركزية سوى في فترات قليلة جدا وفي الفترة
المعاصرة, والذي يمكن ان نعرفها بفترة الاستبداد (1918-2011) والتي بدأت مع خروج
الأتراك من اليمن وتوزيع تركة الرجل المريض (تركيا) ومعها تسلم الإمام يحيى حميد
الدين مهام إدارة الدولة في اليمن, لاسيما تلك المناطق التي لم تدخل ضمن إدارة
الإمام يحيى بموجب اتفاقية صلح ـ دعان1911م ـ بين الإمام والأتراك, والذي جاء في
مضمونها اعتراف الدولة العثمانية للإمام بالسيادة الروحية على المناطق التي تخضع
للمذهب الزيدي, أولنقُلْ ان الأتراك اعترفوا للإمام بموجب اتفاق دعان بالإدارة
الذاتية للمناطق المشمولة بالاتفاق. وهذا دليل على ان اليمن لم تحكم مركزيا بشكل
قطعي قبل 1918م, وإنما خضعت لما يعرف حاليا بنظام الحكم المحلي, أو الأقاليم
الفيدرالية الاتحادية, وعبر تاريخها الطويل لما عرف باسم (المخاليف).
حتى وان كانت في بعض
الفترات التاريخية تحكم جزئيا وفق النظام المركزي الا أنها لم تمثل حالة عامة
وسائدة بل هي من طبيعة الشد والجذب بين كل من المركز والأطراف الذي ما يلبث ان
تتغير وضعيته وآلياته إلى النظام المعروف بالمخاليف, أو ما يمكن ان نقول عليه نظام
الأقاليم الاتحادية.
فالدولة المعافرية ـ
مثلاـ كانت تتبعها أقاليم أو مخاليف عندما تبسط نفوذها على بقية الدويلات اليمنية.
وفي حال انحسارها تتحول إلى إقليم يتبع الدولة اليمنية, التي تبسط نفوذها وتسيطر
عليها (مثال على ذلك علاقة المعافر بأوسان وقتبان وسبأ وحمير), والعكس بالنسبة
لأوسان وقتبان والمعافر.
والمعافر هي المنطقة
المعروفة حاليا بالبعض منها باسم محافظة تعز, إلى جانب المناطق المجاورة لها من
المحافظات الاخرى(اب, الحديدة, لحج, الضالع) أي تلك المنطقة التي تقع في الجزء
الجنوبي الغربي من اليمن, بما فيها باب المندب وسواحل البحر الأحمر الجنوبية
الغربية منه.
وللمخلاف قديما سوق
تجاري ( موزع أو موشج) تصل اليه البضائع المنقولة في السفن وفيه تتم عملية التبادل
السلعي للبضائع المحلية والقادمة في السفن. وللمخلاف أيضا مرفاء على مضيق باب
المندب تتزود منه السفن بالبضائع وحاجتها من المياه والغذاء لتنطلق صوب وجهتها بعد
ذلك (تصدير واستيراد).
وقد لعبت المعافر
دورا كبيرا على مدى التاريخ القديم والإسلامي في المنطقة القريبة من باب المندب
فوصلوا البر الإفريقي وساحل الذهب واستوطنوها بل وحكموها أحيانا. وكانت لديهم
علاقات مصالح مع مملكة اكسوم, وتبادل تجاري مع الداخل الإفريقي من خلال مواني باب
المندب وخليج عدن.
وتعد المنطقة الجنوبية الغربية من اليمن بما
فيها بلاد الجند والمعافر والكلاع نقطة جذب وتكدس بشري في القدم, كونها مجمع لخطوط
تلاقي ونزوحات تداخلية.
وكانت تعد زاوية
علاقة اليمن بالجانب الشرقي لإفريقيا, تلك العلاقة الإستراتيجية التي ظلت حتى
العصر الحديث, ومنها التوجه في اتجاه الحبشة والقرن الإفريقي, لذا امتد نفوذهم على
البحر الأحمر حتى نهاية القرن الأول بعد الميلاد.
وكانت النافذة
البحرية الهامة مع العالم الخارجي لليمن, ما مثل اندماج النظام الاقتصادي مع
العالم الخارجي عن طريق البحر عبر التاريخ اليمني القديم حيث ربطت اليمن بكل من
شرق إفريقيا وجنوب البحر المتوسط بطرق التجارة العالمية آنذاك. واستمرت سيطرة
المعافر على الساحل الإفريقي بالرغم من تبعيتها أحيانا لمملكة سبأ وذي ريدان.
الرسول (ص) واتحادية اليمن:
بظهور الدعوة
الإسلامية في مكة, وجهود الرسول عليه الصلاة والسلام المبذولة في نشرها وبأساليب
مختلفة, كان احدها توجيه الرسائل للملوك في بعض المناطق ومنها توجيه رسائل إلى
أقيال اليمن وملوك حمير, ففي رسالته إلى أهل اليمن والتي كانت موجهة للملوك
الحميريين, والمقصود بهم الأقيال الذين ورثوا السيطرة على المناطق الجنوبية
الغربية من اليمن الممتدة من مشارف صنعاء شمالا حتى مشارف عدن جنوبا ومن يافع شرقا
الى تهامة غربا وكانت تعز بمثابة القلب لها. ففي رسالة الرسول (ص) إلى أبناء عبد
كلال ذكر في مقدمتها من محمد رسول الله إلى شرحبيل ابن عبد كلال والحارث بن عبد
كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين والمعافر وهمدان, كما أرسل رسالة اخرى إلى
باذان والي صنعاء.
وهذا دليل على ان
الرسول راسل أهل اليمن باعتبارها مخاليف مستقلة هي دلاله بان اليمن دخل نظام
المخاليف كنظام متبع لإدارة شئون المناطق منذ وقت مبكر ونشأة الدولة في اليمن
واستمرارها كان على هذا الأساس, وان الرسول (ص) تعامل معهم وفقا لهذا النظام.
واعتمده الرسول (ص) وخلفاؤه كنظام متبع في إدارة الدولة الإسلامية عموما, لاسيما
تلك المناطق التي دخلت في الديانة الإسلامية طواعية, حتى وان ظل بعض سكانها
وملوكها على ديانتهم.
لذا جعل من مقر معاذ
بن جبل مخلاف الجند مبعوثه إلى أهل اليمن, في الوقت الذي أرسل رسلا اخرين إلى حضرموت
والى صنعاء والى نجران.
تعز ... مظلومية .... أم قضية !!
ظهرت أحاديث كثيره
في الأيام الأخيرة حول مظلومية تعز والحديدة, بل إن البعض اشترط حضوره مؤتمر
الحوار الوطني بالآخذ بمظلومية تعز والحديدة, وفي ذات الوقت يتم الحديث عن وجود
قضايا للعديد من المناطق الاخرى في اليمن, وفي أحيان اخرى يتم تجاهل الحديث عن
وجود مظلومية لتهامة وتعز بينما يطفو الحديث عن قضايا وبالتحديد الجنوب وصعدة
وتهامة ويتم التجاهل لتعز... وهو ما أود توضيحه وان كنا نعترف بالجنوب كقضية
ونتعاطف مع قضية تهامة ونرى الحق لأبناء صعدة في الحصول على حقوقهم.
لكننا نؤكد في الوقت
ذاته أن تعز قضية وليست مظلمة أو مظلومية مطلقا, وليست حالة من حالات الانعتاق
لاستعطاف أبنائها.
فتعز تمثل آنموذجا
لاستلاب تاريخي لحقوق بشرية وكرامة إنسانية أمام واجبات خراجيه فرضت وتفرض عليها
منذ زمن ليس بالقريب, بعيدا عن واجبات إنسانية ومشروعية وأخلاقية وبعيدا عن
مشروعية العدالة الاجتماعية والدينية والسياسية, وبعيدا عن الحق الإلهي والإنساني
والالتزام الأخلاقي تجاه الوطن والواجب مقابل مزيد من ممارسة الظلم والقهر
الاجتماعي والاستبداد السياسي.
فتعز عطاء بلا حدود
وبدون مقابل, لقد أعطت منذ العام 1920م في حركة المقاطرة, وأعطت في حركة الأحرار
وثورة 1948م, وثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر, ولم تأخذ شيئًا, أعطت كما تعطي الأم
لأبنائها, وأخذت مقابل ذلك التمييز الجغرافي ضد أبنائها بالرغم من كثافتهم
السكانية والتي يخفض عددهم في السجلات الرسمية بكل تعداد سكاني بمعدل 20 ـ 25%
مقابل رفع أعداد الآخرين.
تعز أعطت اليمن كل اليمن من شماله إلى جنوبه ومن
شرقه إلى غربه, أعطت اليمن علما وثقافة وأدبا وخبرات, وحنكة سياسية مقابل السجون
الأمنية والسياسية ونزع الاضافر وقلع العيون, تعز أعطت مدافعين عن الكرامة مقابل
الاستهجان والاستحواذ والعكفة أو العسكري بقاء, والمنفذ القادم إلى أقصى منطقة في
تعز.
(إني إذا ذاهبٌ
للكوخ أهدمه ... يا شافعية ان الكذب دأبكم.....الخ)
الزبيري من قصيدة العسكري والعجوز
تعز الوحدوية دوما
وعبر التاريخ والى الآن وحتى قيام الساعة, مقابل الاتهامات الدائمة لكل من قال أن
لتعز حق على الوطن ... بالعنصرية والحزبية والعمالة للاستعمار, والخارج, والتآمر
ضد الوطن.
الوطن المنهوب
لجماعة ما, ومن جماعة ما, ليس من الآن ولا من الأمس القريب, بل من العديد من
الأئمة المصطفين منذ زمن الإمام المتوكل على الله إسماعيل, الذي ظل يدعو الله طيلة
حياته أن يغفر له رب العباد إن كان قد ترك قليلا من المال بأيدي (الشوافع) ...
اللهم سامحه واغفر له على خطئه ان كان قد ترك قليلاً من المال في يد (الشوافع) ولم
يتمكن من أخذه عليهم لسهو أو لعدم معرفة بمكانه أو لوجود الشافعي في رأس جبل لم يتمكن
الإمام المتوكل على الله إسماعيل أو أحد عسسه من الو صول اليه.
والذي كان قد
أفتى بتكفير أهل تعز وجعلهم في مرتبة اقل من اليهود واستباحوا أموالهم وأراضيهم وجعلها
أرض خراج من منطلق أنهم كفار تأويل (راجع فتوى
المتوكل إسماعيل في اسماعيل الاكوع هجر العلم ومعاقلة في اليمن ص 1075). وشن
والي الإمام يحيى على اللواء التعزي علي الوزير حربا على تعز وأهلها أشبه ما تكون
بحروب الفتح, أو سميت كذلك, والاهم أن هذه الفتوى لم تلغَ ولم يتنصل عنها أحد إلى
اليوم.
فتعز إذن ليست مشكلة
أو مظلومية يستعطف بها الأبناء الطيبون في الجزء الجنوبي الغربي من اليمن, وليست
معضلة أيضا يصاب منها الجسد بوهن شديد .. لكنها حق في زمن الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان (ليس حق تقرير المصير) وإنما حق مقابل عطاء أبنائها وحقهم في المساواة مع
الغير في المواطنة والتعايش السلمي.
أبناء تعز يبحثون عن
وطن في زمن الاعتراف بالأوطان والمشروعية الدولية للأوطان, عن مواطنة متساوية مع
جميع من في الوطن ومساواة في الواجبات بعد ان ساد النقيضان هناك من يجبي مع الخوف
من حساب الله ان ترك شيئًا سهوا ليقتات منه المجبي منه أو يُقيت أطفاله, وهناك من
يجبى منه وهو يدعو الله برفع الظلم عنه وزوال الظالم.
تعز في زمن الثورة
الشبابية الشعبية السلمية, تعيش ثورة ثقافية من نوع اخر.. ثورة حقوق والانتصار
لوطن .. ثورة قضية هي قضية وطن بأكمله وليس قضية تعز.
فتعز ليست مظلومة,
بل تعز المسلوب حقوقها كما سلبت حقوق الغالبية من أبناء الوطن لصالح الأقلية. لكن
انكفاء العديد من أبناء المناطق في اليمن على أنفسهم ولم يجعل تعز تنكفىء على
ذاتها بل ظلت تُقاوم دوما بموجب قانون الدافعية المعاكس كلما زاد الفعل زاد رد
الفعل المضاد له في الاتجاه والمساوي له في القوة, فالقوة في المقاومة هو نوع من
الرفض المضاد لعمليات الاستلاب المنافي بكل أنواعه وأشكاله.
وكلما وجد نوع من
أنواع المقاومة العقلانية والحكيمة أًلبِس أبناؤها لباسا غير لباسهم واتهموا
بالعنصرية والطائفية والمناطقية عدم الرجولة, وكأن المقاومة العنيفة هي السمة
الغالبة لقيم الرفض والمقاومة والمحبذة أيضا في زمن السلم والأمن الاجتماعي التي
تؤمن به تعز وأبناؤها.
تعز مدنية بامتياز
ترى في من يمثلها في مجلس النواب أن يكون من اليمن أولا وليس منها, لذلك صعد منها
وبأصوات أبنائها أربعة لعضوية مجلس النواب, فهم من الوطن اليمني. ولم تنظر ان
كانوا من أبناء تعز أم لا؟ فهي مدنية لكل اليمنيين وتتسع للجميع كونها تنبذ
المناطقية الجغرافية والسلالية والعشائرية والقبلية وتقدس المدنية والتوجه نحو
المستقبل ليس لها بل لكل أبناء اليمن.
نعم تعز قضية لكنها ليست بحجم تعز بل بحجم
الوطن اليمني, فالمخبازة والبوفيه ليست حق منهوب لأبناء تعز من الغير, بل حق مفروض
على أبنائها بدلا من الانكفاء والتقوقع نحو الذات الحزينة, ورفض ومقاومة لحق مستلب
من حقوق المساواة بينهم وبين الاخر في المواطنة, وهما (المطعم والبوفية) ليس نهبا
على احد ولا يساوي نهب المال العام للدولة ونهب الأراضي وحقول النفط, وسياسة
الاستحواذ على المال والسلطة والقوة في الدولة اليمنية.
ومع ذلك فتعز قضية بأقل من دولة .. فلم تحلم تعز يوما بأن
تكون دولة مستقلة ومنسلخة عن الوطن اليمني ولم تنزع تجاه ذلك أيضا, فهي وحدوية
تؤمن بضرورة أن يظل الوطن اليمني واحدا موحدا وتدافع عن هذا المبدأ مع تمسكها
بالعدل والمساواة والشراكة المجتمعية لجميع أبناء الوطن في السلطة والثروة والقوة,
بحجم السكان, وهي لا تنزع نحو الانفصال أو تقليد الاخرين على أنها اليمن, ولكن لن تقبل
من الان فصاعدا ان تعود لحكم الفرد المستبد وستكون جزءاً من اليمن بنظام حكم جديد
هو النظام الفيدرالي العادل والمحافظ على الوحدة كونها الهدف العادل والأسمى.
المناطق الوسطى ...
القهر ما يزال مستمرا:
تعد محافظة اب بموقعها الجغرافي مركز الثقل
للمناطق الوسطى التي تشمل عددً من المحافظات وبعض مديريات محافظات اخرى والتي لا
يعرف الكثير من أبناء شعبنا ولاسيما جيل الثورة الحالي مدى المعاناة والقهر الذي
لحق بأبناء هذه المناطق خلال مرحلة زمنية امتدت 14 عاما (مابين 1968 ـ 1982م) اذ
شهدت أحداث مأساوية ومعانات رهيبة تمثلت في صراع سياسي وعسكري بين سلطة 5 نوفمبر
1967 وامتدادها سلطة 17 يوليو 1978م, وأقسام من القوى الوطنية والديمقراطية التي
كانت تدافع ضمن المقاومة الشعبية عن ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري, وعن العاصمة
صنعاء أثناء حصارها من قبل القوى الملكية والرجعية, فالقوى الوطنية التي شردت إلى
المناطق الوسطى اثر أحداث 22و 23 اغسطس 1968 باعتبارها مناطق تلك القوى المناضلة,
وعناصر من الضباط والجنود الأبطال الذين كانوا في صفوف الحرس الوطني ووحدات الجيش
والقوات المسلحة الفتية, فبعد انقلاب 5 نوفمبر1967م سيطرت القوى اليمينية الرجعية
على السلطة, وتمكنت من إزاحة القوى المدافعة عن الثورة والنظام الجمهوري
والديمقراطية من كل مفاصل السلطة ولاسيما الجيش والمقامة الشعبية, ولم تكتف بذلك.
بل استمرت تطارد وتلاحق القوى الوطنية في المناطق الوسطى وتشن الحملات والحروب
العسكرية ضدها الأمر الذي جعل تلك المناطق مسرحا لأعمال القتل والاضطهاد والتشريد
والإقصاء والتدمير للمنازل والقرى وضربها بمختلف صنوف الأسلحة بما فيها الطيران
حتى ان مزارع المواطنين وآبار مياه الشرب والري لم تسلم هي الاخرى من التخريب
والتدمير, ومازالت آثار الدمار ماثلة حتى الآن, وظل أبناء تلك المناطق يعيشون في
إقصاء وتهميش, ناهيك عن إلصاق تهمة التخريب بهم, بل أن سلطة 5 نوفمبر وامتدادها
سلطة 17 يوليو, استطاعت ان تزرع في أوساط أبناء هذه المناطق الفرقة والخلاف اللذين
وصلا حد الاحتراب وتزويد الأطراف المتقاتلة بالسلاح, وتشويه العلاقة بينهم وبين
أقرانهم ممن كانوا يبحثون عن الدولة العادلة إلى جوارهم, ودائما ما كان نظام
نوفمبر ويوليو يتدخل كوسيط غير نزيه, فضلا عن تزكيته لثقافة الثأر البغيضة.
الا انه وبالرغم من توقف الصراع المسلح منذ
العام 1982م, لم تقم الدولة بواجبها كضامن لأمن وسلامة أبناء المناطق الوسطى,
فالألغام لا تزال تحصد ألأرواح والمساكن لا تزال مهدمة, والجرحى والمعاقون لم
يلتفت اليهم أحد, بل ان معاناة المواطنين لا تزال مستمرة إلى الان.
ان
الصراع السياسي والعسكري وتداعياتها ومترتباتهما المتواصلة حتى اليوم جعلت للمناطق
الوسطى قضية حقيقية هي أسبق تاريخيا من القضايا المطروحة على الساحة السياسية
الراهنة فهي بحق قضية اجتماعية وثقافية وحقوقية وجيوسياسية بامتياز يجب على مؤتمر
الحوار الوطني إدراجها في جدول أعماله بغرض حلها هي والقضايا الأخرى حلا عادلا
يضمن لليمن استقراره ووحدته, وتمكنه من الشروع في بناء الدولة المدنية الاتحادية
متعددة الأقاليم.
لعدن
وضع خاص:
لقد مثلت عدن ملتقى عدد كبير من الجنسيات
والأعراق العربية والأجنبية ما جعلها تشكل منظومة أثنية من الثقافات والتنوع
الثقافي في تاريخها الحديث, كما كانت مدينة لكل اليمنيين, ولم تقتصر على منطقة أو
محافظة بعينها. بل شكلت هوية قائمة بذاتها تعتمد على التنوع الثقافي في تاريخها
الحديث.
لذا فإننا نؤيد ان يكون لها وضعا خاصا بها وفق منظومة
متكاملة من النظم والمعايير الحديثة الخاصة بها بعيدا عن سلطة القانون والدستور
العام للدولة الاتحادية, بحيث يمكنها مثل هذا الوضع من أن تكون مدينة حرة فقط, ومن
تعزيز دورها الايجابي لتكون لكل اليمنيين تعطي كما عهدناها من قبل, وليس عاصمة
اقتصادية كما عرفت بعد الوحدة ما كان سببا في القضاء عليها, حتى وان تطلب الأمر
إيجاد منظومة خاصة بها من القوانين والمكانة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية التي لا ترتبط بالمنظومة القانونية للوطن اليمني.
وربما يكون في تشكيل لجنة خاصة مهنية, ومتنوعة الآراء
والاتجاهات لتحديد وضع عدن القانوني والسياسي المستقبلي أفضل وسيلة للنهوض بها
ومنحها الوضعية التي تمكنها من ان تكون مدينة عالمية بامتياز ولكل اليمنيين, مع
تحديد المساحة الخاصة بها جغرافيا بحيث تستمد في تقديم عطائها مستقبلا لعدة قرون.
الدولة الاتحادية متعددة
الأقاليم والمحافظات الجنوبية:
ان
تقوم الانتخابات العامة على الحرية الكاملة في الانتخاب والترشيح والتصويت وفقا
للقائمة النسبية التي يحددها قانون الانتخابات والاستفتاء المزمع إصداره, وتعتبر
الفيدرالية المتعددة الأقاليم خيارا مناسبا لحل قضايانا السياسية, والإدارية, والاقتصادية
مسنودة بنظام القائمة النسبية في الانتخابات, فذلك سيمكن الجميع من التساوي في
الحقوق السياسية بما فيها الأقليات.
مع منح
المحافظات الجنوبية حق المناصفة في البرلمان ومجلس الوزراء ومجلس الشورى (ان وجد) وكذا
السلك الدبلوماسي, أما بقية المجالات فتخضع للمعايير العامة والمحددة بالتنافس أو
بحسب عدد السكان كالجيش والآمن والقضاء.
فالسلطة
التشريعية ستمنح المحافظات الجنوبية القدرة على المشاركة بصياغة التشريع بالتساوي
مع الحافظات الشمالية, والبرلمان بصفته المسئول عن التشريعات ووضع القوانين لا
يمكنه وضع قوانين تستلب المحافظات الجنوبية جزءا من حقوقها أو تقوم على التهميش
والإقصاء وبالتالي سيمكنها الدور الرقابي والتشريعي المناط بالمجلس من منع أي اختلال.
ونفس
الأمر بالنسبة للقيادات التنفيذية العليا (مجلس الوزراء) التي ستتيح للجميع فرصة
الرقابة والمساهمة في بناء الوطن معا, بحيث يمنع تكرار الأخطاء مرة اخرى, وبما ان
السلطة التنفيذية في الدولة بيد الحكومة وليس رئيس الجمهورية فمن الحق الاشتراك في
تسيير الأمور مناصفة ما سيمنع أى قرار تنفيذي يعمل على تهميش الاخر أو ظلمة سواء
المحافظات الشمالية أو الجنوبية, وبالتالي سيزيد من الرقابة الفاعلة بين الجميع.
أما السلك الدبلوماسي سيجعل من الجميع ممثلين للشعب اليمني في الخارج بصورة
متوازنة.
اما
الجيش والأمن فتكون نسبة الالتحاق متناسبة مع عدد سكان كل محافظة أو إقليم بما في
ذلك المحافظات الجنوبية.
نظام وسلطات
الدولة :
بعيدا
عن الصياغة القانونية والدستورية المتخصصة نجد في الإشارة إلى القضايا التالية
خطوطا عامة لتحديد شكل النظام المرجو:
أولا : تحدد
المدة الزمنية ...... بـ خمس سنوات فقط, لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة
ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشورى, ورئيس مجلس القضاء ورئيس الأركان العامة.
ورؤساء الإقليم, ويجوز لأي منهما ترشيح نفسه لمرة اخرى فقط. وعلينا إرساء قاعدة
دستورية بعدم الترشح لرئاسة الجمهورية أو الحكومة للفرد الواحد لأكثر من فترتين
حتى وان فاز حزبه بالأغلبية البرلمانية لمرات عدة. ويسرى الأمر ذاته على رئاسة
مجلسي النواب والشورى والقضاء ورئاسة الأركان ورئاسة الأقاليم. مع وضع ضوابط
لتدوير الوظائف الاتحادية العليا وفقا للحقوق العامة والمواطنة المتساوية.
على أن يكون رئيس
الجمهورية رئيسا شرفيا لا يتمتع بالصلاحيات السياسية أو التنفيذية وينتخب من قبل
البرلمان مباشرةً. على ان تمنح المحافظات أو الأقاليم بتكويناتها الحالية أو
بتشكيلاتها المستقبلية صلاحيات كاملة (فيدرالية).
ثانيا: يمكن
للدستور ان ينظم مهام واختصاصات مجلس الشورى بحيث يظم في عضويته, أصحاب الخبرات
السياسية والمهنية والفنية, والشخصيات الاجتماعية والاعتبارية, ومن ضمنهم القوى
التقليدية من سلاطين ومشائخ وغيرهم, حتى لا نعود إلى وطن يقصي البعض أو يدير
صراعات بين أبنائه.
ثالثا: إلغاء
الامتيازات الخارجة عن القانون للبعض من الشخصيات الاعتبارية سواء كانت تلك
الامتيازات داخلية أو خارجية كشرط أساس لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص. والاستعاضة عنها,
بما يعرف بالمجلس الاستشاري أو الشرفي (الشورى أو الشيوخ) مع تحديد صلاحياته
بالمهام الاستشارية والشرفية وتحديدها بالدستور القادم وطريقة الولوج إليه بدقة
وإبعاده عن التشريع وإدارة السياسة العامة للدولة.
رابعا:
الإشراف الكامل للدولة الاتحادية باعتبارها الضامن الأساس لوحدة الوطن وسيادته على
الدفاع والأمن القومي, والخارجية, والمنافذ البرية والبحرية والجوية والحدود
العامة للدولة والموارد السيادية. والحفاظ على الاتحاد الفيدرالي متماسكا.
خامسا:
استقلالية القضاء بصورة تامة وكاملة والعمل وفق آلية السلطة القضائية المستقلة.
سادسا : تحرير
وسائل الإعلام من الهيمنة العامة للدولة.
النظام البرلماني:
اتجه
اليمنيون نحو المطالبة بدولة منذ 1918م, تحقق للجميع العدل والمساواة في الحقوق
والتوقف عن ممارسة الظلم, منذ أمد بعيد, في إطار المواطنة المتساوية. وكرست العديد
من الشخصيات الوطنية على مدى المائة السنة الأخيرة حياتها العلمية والعملية لذلك
الأمر. الا أنهم كانوا يصطدمون دوما مع مشاريع الاستبداد والسيطرة وعدم الاعتراف بالآخر
في الجزء الشمالي. وان كنا قد نجحنا في إيجاد الدولة في الجنوب ما بين العام 1967ـ
1990م.
وبالتالي
فان نظاما جديدا يمنح الجميع حقوقهم ويبقى على وحدة الوطن كاملا أصبح أمرا مطلوبا
في زمننا الحالي اذا كنا ننشد وحدة الأرض والإنسان اليمني ونخشى من أي نظام
مستقبلي لا يحافظ على حقوق الجميع ووحدة اليمن في ظل الأمية والنزعات المناطقية
والقوى ـ المتمصلحة ـ المدعومة خارجيا, وتمكن ثقافة الاستبداد والاستحواذ منها حتى
صارت لا ترى وجودها الا بتلك الثقافة. لذا نجد في تمييز النظام البرلماني القادم
عن غيره, إضافات نوعية ليس للبرلمان اليمني فقط بل وللنظام بشكل عام, وتعد
المقترحات التالية من الإضافات النوعية
فيما لو استحسنت :
أولا:
تحديد عضوية المجلس بالفئات التي تحمل مؤهلات جامعية وما فوقها, وشروط فنية اخرى
تساعد على إيجاد مجالس نواب بخبرات وكفاءات يحددها القانون.
ثانيا
:
إقامة نظام برلماني يقوم على انتخابات حرة وديمقراطية تعتمد على القائمة النسبية
تُشكل بموجبة الأغلبية البرلمانية الحكومة أو السلطة التنفيذية, يعد سبيلا مناسبا
للخروج من وضعنا الحالي. وحتى لا يصادر حق الأقلية والعضو البرلماني من قبل
الأغلبية ولكي لا تصبح الأغلبية مشرعة للفساد بحكم أغلبيتها ومصادرة لحق الشعب نجد
في بعض الإضافات الدستورية إلى النصوص الخاصة بالنظام البرلماني والقائمة النسبية
أن نجعل من قاعدة (الحق البرلماني الخاص) قاعدة دستورية يتضمنها الدستور
النافذ مستقبلا. كقاعدة دستورية تميز الدستور اليمني عن غيره.
وجعل نظام (الحق
البرلماني الخاص) لعضو البرلمان حقا دستوريا نافذا لا يجوز مصادرته على العضو
المتقدم بطلبه خطيا لسكرتارية البرلمان في التاريخ واليوم الذي يحددها النائب
شخصيا لاستخدام هذا الحق في قاعة البرلمان الرئيسية دون وضع هذا الطلب للنقاش أو
التصويت قبل ان ينفذ فعلا.
والحق
البرلماني الخاص .. متى ما طلبه النائب من سكرتارية المجلس يكون من واجبها تهيئة
المكان والأجواء المناسبة في الزمن المحدد ودعوة كل وسائل الإعلام المتواجدة
والعاملة في الجمهورية المحلية والخارجية للحضور وسماع النائب البرلماني وتكون
ملزمة الحضور في الزمان المحدد والبث المباشر لحديث النائب على ان يكون تكلفة
الإعلاميين على نفقة المجلس.
وعلى
النائب البرلماني ان يستخدم (الحق البرلماني الخاص) في الحالة التي يكون
النائب البرلماني غير قادر على إيصال صوته لزملائه البرلمانيين في موضوع ما
ومقتنعا بأن لديه الحق الكامل في ما يتمسك به, وهذا الأمر فيما لو سكت عنه العضو
ستكون له أثار وخيمة على السيادة الوطنية أو حقوق الإنسان, أو المواطنة المتساوية,
أو الفساد المالي والإداري, أو الأمن والاستقرار, أو ان الموضوع الذي يتم مناقشته
ويراد التصويت عليه مبني على فساد.
بحيث
يهدف هذا الحق إلى إيصال صوت النائب البرلماني إلى الرأي العام بشرح أبعاد المشكلة
كاملة ومن كل النواحي, للجمهور اليمني عبر وسائل الإعلام التي تكون ملزمة بعرض
وجهة نظر النائب البرلماني دون تحوير.
ومن
ثم تكون لجنة الخبراء المشكلة مسبقا من خارج المجلس من وقت سابق مستعدة لتقبل
ودراسة كافة ردود الأفعال من خارج المجلس والمتفاعلة مع الموضوع الذي طرح من قبل
النائب البرلماني وتقديم تصور خاص بذلك للمجلس للأخذ به.
مقترح لشروط تقسيم الأقاليم الاتحادية:
برزت العديد من التصورات
لتقسيم اليمن إلى أقاليم اتحادية, وكلها اجتهادات لا تخلوا من الجهد والجدية, الا انها
اجتهادات فردية. لذا نجد من الضروري ان تقسم الأقاليم وفق معايير عامة بحيث توضع
الاعتبارات التالية:
1- من الضروري تحديد
عدد الأقاليم أثناء العمليات الميدانية وفقا للمعايير المحددة. فالمعايير هي التي
ستحدد العدد الكلي للأقاليم, وان كنا في هذا التكتل نجد من الأنسب أن تكون ما بين
(5 ـ 7) أقاليم, مع منح مدينة عدن وضعا خاصا.
2- نجد من الضروري
أن تقوم بذلك لجان ذات خبرات تتشكل وفقا لخلفية علمية مهنية (كعلماء الاقتصاد
والاجتماع والثقافة الشعبية والفولكلور والجغرافيا والمساحة والتاريخ والآداب
والحكم المحلي وعلم الإدارة, والسياسة والجيولوجيا ...الخ.
3- أخذ البعد
التاريخي الخاص والعام بكل إقليم من الأقاليم, بمعنى تحول الإقليم في فترة تاريخية
إلى مركز, وبقية المناطق اليمنية إلى أقاليم في نطاق المركز والعكس.
4- الاستفادة من
الحدود التاريخية لكل إقليم من الأقاليم, وأهمية ذلك لعوامل الاستقرار السياسي
والاقتصادي والاجتماعي الحالي والمستقبلي.
5- العمل بوحدة
الثقافة والفولكلور المتجانس لكل إقليم.
6- العمل على توفر
الشروط الاقتصادية لكل إقليم بما يوفر إمكانيات العيش والنشاط الاقتصادي للأفراد,
وبما يوجد تكافل بين مختلف الأقاليم, بحيث يحقق في النهاية المصالح المشتركة
للجميع.
7- ان يوضع في
الاعتبار السمات الجيولوجية والطبيعية بحيث يوجد تجانس وتنوع في ذات الوقت لكل
إقليم على حدة, بينه وبين الأقاليم الاخرى.
8- أن يوضع في
الاعتبار عدم نزوع أي إقليم نحو الانفصال وتكوين دولة مستقلة عن الدولة الاتحادية,
لذلك من الضروري وضع معايير دستورية للدولة الضامنة لوحدة الوطن (الدولة
الاتحادية) لا تسهل عمليات الانفصال, ولا تنمي الوازع نحو ذلك.
9- تحديد الموارد
السيادية, وآليات استغلالها. وشروط إعادة توزيعها بما يكفل عدم سيطرة إقليم على
الثروة الطبيعية منفردا تمكنه من الهيمنة, بينما بقية الأقاليم الاخرى لا تمتلك أي
موارد طبيعية تجعل منه إقليما مستضعفا أمام الغير.
10- الأخذ في
الاعتبار كثافة التوزيع السكاني لكل إقليم من الأقاليم بحيث لا تتركز الكثافة في
إقليم محدد. الأمر الذي يتطلب منا عدم تكوين أقاليم مدمجة من عدة محافظات كثافتها
البشرية عالية.
ضمانات استمرار الدولة
المدنية الديمقراطية متعددة الأقاليم(الاتحادية):
فالدولة المدنية
يجب الاتفاق عليها من خلال عمليات التوافق الاجتماعي، والنخب والتيارات المختلفة
(مؤتمر الحوار)، والمتمثل في نصوص الدستور المقر بالاستفتاء العام والمباشر.
وهنا لا ينبغي
لطرف أن يدعي لنفسه حق الاختيار نيابة عن المجتمع، ولا ينبغي لطرف أن يفرض الوصاية على الأطراف الأخرى،
أو يفرض الوصاية على المجتمع. فالحقيقة المطلقة لم تعد حكرا على احد, والدولة المدنية
لا تقوم إلا في مجتمع يغلب عليه الطابع المدني، والمجتمع هو صاحب الحق في اختيار من
يمثله في مجلس النواب. وتعد الفيدرالية (الاتحادية) متعددة الأقاليم ضمان لاستمرار
الدولة المدنية الديمقراطية فالحاكم لا يستطيع النكوث والعودة عن الفيدرالية بدون
موافقة جميع الأقاليم الاتحادية ما يمثل صمام أمان عكس النظام المحلي والواسع
الصلاحيات الذي تحدد صفاته بموجب القانون الذي يصدره الحاكم ويمكنه الرجوع عنه في
أي لحظة. ومن الضمانات أيضا
وقف العبث بالدستور وتبديل وتغيير نصوصه وفقا لأهواء هذا الحاكم أو ذاك وكأنها
نصوص لائحة أو قرار, ولما كانت قواعده جامدة فإنها لا تمس أو ينالها التعديل إلا
باستفتاء شعبي مسبق, ولمواد محدودة العدد والموضوع وخلال مدة زمنية وكل ذلك ينص
عليه في مدونته, وهذه المدة نرى ألا تقل عن خمسة وعشرين عاما بين كل تعديل واخر,
حتى لا يصبح الدستور مجرد نص يحق لأي حاكم (فرد أو جماعة) العبث به كيفما يريد ..
على أن يكون لعدد محدد من المواد, مع عدم مس المواد الأساسية وتبني الثبات الدائم
لها, لاسيما المواد المتعلقة بنظام الحكم. حتى لا يصبح الدستور القادم عرضة
للأهواء الخاصة لفرد أو لجماعة ـ كما اشرنا ـ. وإن كنا نجد في الاعتصام والنزول
للميادين والساحات أداة وفعلاً ثورياً نضمن من خلالها واستمرار زخمها وانتصارا
لإرادة وتطلعات الشباب اليمني الذي اُسترخص دمه وحياته وسلامة بدنه من أجل إحداث
نقلة نوعية ليس في شكل الدولة وإداراتها فحسب, وإنما في فكرها الذي يجعلها أداة
الحضارة العصرية من حيث المواطنة المتساوية والعدالة والتنمية بعد أن كانت أداة
للاستبداد والتخلف والقهر الاجتماعي والذي يعاد إنتاجه بصورة منهجية, وتلك
الضمانات لن تصبح فعلا من الماضي وإنما ستبقى فعلاً ثورياً ممتد وخلاق من اجل
ديمومة الراية المنتصرة للدولة المدنية ذات الأقاليم والتي من شأنها ان تعيد للوطن
والمواطن اعتبارهما.........
نسأل الله التوفيق,,
شكرا على دعمك لنا
انسخ ووزع هذا المشروع على أكبر عدد من الأصدقاء
والمهتمين
عمم هذا المشروع عبر:
ـ النشر في صحيفة الجمهورية تعز في 18/5 /2012م
ـ المؤتمر الصحفي المنعقد في 17يوليو2012م
ـ عمم على جميع أعضاء اللجنة الفنية للحوار في 12سبتمبر2012م
ـ سلم للمكتب السياسي للأستاذ جمال بن عمر في 25سبتمبر2012م.
ـ سفراء الدول الراعية للمبادرة والآلية التنفيذية لها.
ـ عقد العديد من الندوات والمحاضرات العامة.
ـ وزع ما يزيد عن ألف نسخة على المهتمين والمثقفين والسياسيين.
ـ رفع لرئيس الجمهورية في 6 مارس 2013م.
ـ منشور حاليا في موقع الدكتور/ عبد الله مُعمـر الحكيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق