الا يكفي هذا الانحدار لإنقاذ جامعة صنعاء؟!!!

الجمعة، 4 يونيو 2010



الوحـــــدة اليمنية وضـــــــرورة
تجديد البقاء

احتلت عدن من قبل الكابتن هنس عام 1839م، لتأسيس تجارة بريطانيا العظمى للهند ومن ثم جنوب شرق آسيا. وكان لهذا الاحتلال تأثيره على وحدة الوطن إذ كُرس عملية عدم الإدماج ألمناطقي لليمن والتي كانت تعيش حالة من التمزق والصراع تتجاذبه قوى مختلفة، الأتراك فـي وضع غير مستقر ما بين قبول فـي بعض مناطق ورفض فـي مناطق أخرى وحذر مرقاب فـي التوتر فـي منطقة ثالثة.
والإمامة والتي لم تستطع بسط نفوذها على كاهل الوطن، أو أنها لم تهتم فـي بسط هذا النفوذ لاهتمامها الأكثر فـي التركيز على البعد المذهبي من البعد السياسي. مما أنعكس على وحدة الوطن ومن ناحية ثالثة تلك النزاعات الفردية التي وجدت فـي هذا الجو مرتعاً خصباً لها لتكوين مشيخات وسلطانات صغيرة وفت البعد ألمناطقي لها فـي ظل عدم قدرة الأتراك على بسط نفوذهم على كامل الوطن وانعدام الرغبة لدى الإمام فـي بناء دولة مركزية قوية تستطيع بسط نفوذها على كامل الوطن، وفـي ذات الوقت انعدام المصالحة الاستعمارية فـي مد النفوذ إلى الداخل أو لكافة أرجاء الوطن اليمني. بل وجد فـي هذا الوضع أفضلية لاستمراره وبقاء نفوذه.
نقد التجربة الأولى فـي توحيد أجزاء من اليمن فـي التاريخ المعاصر أثناء خروج الأتراك بعد الحرب العالمية الأولى ومحاولة بعض المناطق الانطواء تحت دولة الإمامة.
لكن رفض الإمام يحيى لذلك أضاع فرصة التوحيد، ولو كان تعامل بعقلية رجل الدولة لشمل ذلك أجزاء كثيرة من الوطن، إلا أن عقلية الفقيه ورجل المسجد غلبة على تفكيره فأضاع الفرصة.
أما التجربة الثانية فكانت مع بريطانيا العظمى، والتي رأت فـي تكوين إتحاد الجنوب العربي أفراً له أهميته، كرد فضل على شعار عدن للعدنيين، الهدف منها المحافظة على مصالح بريطانيا العظمى، ورؤية مستقبلية لبريطانيا فـيما لو رحلت فالإتحاد من سيحافظ على مصالحها فـي حال الرحيل، إلا أن سرعة اندلاع ثورة 26سبتمبر، و 14 أكتوبر لم يجعل المشروع الاتحادي يكتمل.
إلا أن التجربة الأهم كان مع الكفاح المسلح ضد الاستعمار، والذي بخروجه مهد الطريق أمام أكثر من 22سلطنة ومشيخة فـي دولة واحدة أطلق عليها جمهورية اليمن... ومعها اختفت أي نزعة أو دعوة مناطقية تنزع تجاه الاستقلال أو الانفصال بل تبنت مشروعاً أكثر أهمية بعد الاستقلال يحافظ على النسيج الاجتماعي الموحد، مشروع الوحدة اليمنية، فكانت الوحدة مشروعاً ثقافـياً وتربوياً فـي كل المجالات، فكان لهذا المشروع دوراً فـي امتصاص حدة النزعات الفردية والذاتية لديهم تجاه العودة إلى السلطنات والمشيخات هذا من ناحية، ومن ناحية كرست الثقافة الحزبية لجميع الأحزاب السياسية فـي إطار الجبهة القومية كسرت ثقافة الوحدة اليمنية فـي المناهج التربوية، وفـي الإعلام بمختلف وسائله وفـي الخطاب السياسي الرسمي والجماهيري كرست الوحدة اليمنية كهدف أسمى من الضروري العمل على تحقيقه بكل الوسائل وبمختلف الطرق. حتى فـي حال الصراع المسلح بين الدولتين كان شعار الوحدة اليمنية حاضراً، وبصورة أكثر قوة مع اشتداد الأزمات والصراعات سواءً فـي إطار الداخل أو مع الخارج، الأمر الذي جعل من الحزب الاشتراكي اتخاذه شعاراً رئيساً "لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة، وتنفـيذ الخطة الخمسية، وتحقيق الوحدة اليمنية". فحشدت لذلك كافة الإمكانيات ومختلف الوسائل، وأصبحت الوحدة رديفاً يتغني بها كل الأفراد، وتقترن بأغاني الحب والعشق والغرام، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان لفرض النظام والقانون، ومبدأ العدالة الاجتماعية، والمساواة دوراً فـي الحفاظ على النسيج الإجتماعي والوحدة الوطنية.
وفـي الطرف الآخر كان كرست الوحدة كمفهوم وسلوك منذ الأيام الأولى لثورة 26سبتمبر، فكان لأهداف الثورة أن تبنت الوحدة اليمنية كهدف من الضروري العمل على تحقيقه، مما جعلها تتبنى عمليات الكفاح المسلح ضد الاستعمار وذلك من خلال المد العسكري والتغطية الإعلامية، والملاذ المستتر لكافة المناضلين، فكان لرجال المقاومة نموذجاً فـي تجسيد الوحدة الوطنية لأبناء الوطن الواحد.
ومعها أحسسنا بوحدة الوطن أكثر باحتلال تلك القيادات لمكانة بارزة دون تحسس أو شعور بعدم انتمائها لكل اليمن.
إن التجزئة التي كانت سائدة قبل 22مايو كانت فـي الأرض فقط، أما الإحساس بالانتماء والشعور الداخلي كان أكثر توحداً ويرجع ذلك إلى:
1ـ توحد السلوك الفعلي لجميع الأفراد والجماعات، والقيادات السياسية لما يعزز الوحدة والشعور بالانتماء والولاء ليمن واحد، بما فـي ذلك الأحزاب السياسية سواءً من كان يعمل منها بصورة علنية أو سرية.
2ـ وضع الوحدة هدف أساسي من الضروري العمل على تحقيقها، وتسخير كل الإمكانيات لتحقيق ذلك.
إن تحقيق الوحدة فـي 22مايو هو بداية الانهيار العملي للوحدة اليمنية، كونه أدى إلى الاستكانة والركون وزيادة فـي الإحساس بالاطمئنان، مما جعلنا نتخلى عن المجسدات الحقيقية لعملية الاستمرار فـي المحافظة على ما حققناه وذلك من خلال:
1ـــ التخلي عن ثقافة الوحدة فـي الخطاب الإعلامي والسياسي بل والثقافـي.
2ـــ بهوت اللون الفني فـي الأداء الغنائي والذي وصل إلى حد العشق الرباني قبل 22مايو عند جميع الفنانين.
3ـــ استفزاز مشاعر الناس ببعض الممارسات السلبية على الصعيد الإداري، مما حفز المشاعر العدائية لدى بعض الناس الأمر الذي زاد من عملية الاحتقان السياسي وقوى عملية الصراع السياسي والاجتماعي.
4ـــ عدم وضع رؤيا متكاملة بعد 22مايو 1990م، تحافظ على النسيج الإجتماعي وتعزز من وحدة المشاعر أولاً وتقوي من عملية الإتلاف الإجتماعي.
5ـــ ضيق الأفق السياسي لدى البعض من لاعبي السياسة اليمنية سواءً فـي السلطة أو المعارضة، وعدم تمتعها بالرؤيا الإستراتيجية على المدى البعيد فـي النظر أو التعامل مع الوحدة كونها ليست ملكية خاصة لفرد أو جماعة بذاتها.. إنما ضرورة وطنية وإستراتيجية إجتماعية.
6ـــ قصور الوعي بأهمية الوحدة على المدى القصير والبعيد على المستويين الفردي والجماعي، ويرجع ذلك لما سبق وقلناه من عدم وجود مشروع متكامل من خلاله يمكننا العمل على تقوية كل ما يحافظ على الوحدة اليمنية.
7ـــ عدم فرض النظام والقانون باعتباره عامل من عوامل المحافظة على الوحدة واستمرارها.
8 ـــ استمرار الفساد المالي والإداري وعدم التعامل مع مكافحته بصورة جادة وبناءه.
9ـــ عدم وضع ثوابت وطنية كالجمهورية، والديمقراطية، والمساواة، وتكون الوحدة أولها وتكرس كل الجهود لغرسها فـي نفوس الناس على أن تحتل الأولية فـي خطابنا الإعلامي والثقافـي والتربوي وكذا السياسي، ومن ضمن ذلك عدم نزع صفة الوحدوي عن أي فرد أو جماعة وإلصاقها بآخر إلا فـي حال تجاوز الثابت الأساسي.
10ـــ عدم التلويح بالقوة أي كان نوعها وشكلها فـي معالجة الإشكالات الناجمة بين حين وآخر، وبالمقابل عدم التلويح أو الدعوة إلى الانفصال من قبل أي طرف واجه مظلمة أو عناء من ظلم أو فقد مصلحة، خاصة أو عامة، فكلا الأمران لا يخدمان أحد.
يخطئ من يظن أن الوحدة ليست فـي خطر، ويخطئ من يظن أن قراءة الواقع اليمني فـي حال من الاستقرار والاطمئنان ولا ينذر بظلام قادم، ومثل ذلك أما أن قراءة للواقع غير واضحة أو أنها قراءة ضبابية وكلا الأمران سيقودان اليمن مستقبلاً إلى فترة أشد ظلاماً.
وختاماً:
إن قراءتنا البسيطة تدور حول المظهر الخارجي فقط وألا تتيح لنا التعرف على أي من التقارير سواءً الأمنية أو السياسية لأي طرف من الأطراف، فنحن خارج اللعبة للطرفـين. ولكني أزعم أني أبن لهذا الواقع وابناً باراً ببلدي وأهلي ومجتمعي، وامتلك من صدق القول والخوف من الغد ما يجعلني أمسك بيدي قنديلاً أهديه للجميع حتى لا نعيش فـي يوم ما جميعنا وسط نفق مظلم نتحسر فـيه على ماضينا وتصبح اليوم جزءاً منه، هلا تحسسنا الألم وعالجناه حتى وإن كان علاجه مؤلماً لنا فـي بعض الأحيان.
إن وطننا ينزف..يصرخ ألماً من أبناءه ينادي الجميع "لا تمزقوا تربتي..لا تصنعوا مني كفناً لكم..لا تحفروا قبوركم فـي جوفـي فلن أقبلكم.. لن أقبلكم..لن أقبلكم.. الله أني بلغت ..اللهم فشهد ..".
إن إسقاط الخلافات الخاصة أو العامة على الوحدة اليمنية أمرا ليس مقبولاً وإنما يدل على الإفلاس السياسي والعجز فـي طرح قضايا الخلاف بموضوعية.
عندما أرادت الولايات المتحدة إلغاء التمييز العنصري ضد السود كان للقانون دور فـي إطفاء مشاعر التمييز ضد الزنوج وإرساء لمشاعر جيدة وإيجاد ثوابت وطنية يتم الاحتكام إليها. وعندما سئل أحد الرئيس الأمريكي عقب الصعود الى القمر. .هل وصلت أمريكا إلى القمة .. أجاب: أتمنى أن تظل تلهث نحو الوصول إلى القمة، كان يقصد أن ما بعد القمة الانهيار، لم يقل وصلت أو لم تصل، بل كانت أجابته أتمنى أن تظل تلهث نحو الصعود إلى القمة، فما القمة إلا الانحدار , ونحن من الضروري ألا نستكين.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق